• وقد ينفي الناقدُ العلمَ بالسماع في وقت، وتستقر نفسُه على ذلك، فيجزم بعدم السماع في وقتٍ آخر؛ لدليل وقف عليه، أو لغلبة ظن، أو لقرينة، ونحو ذلك، لكن هذا قليل جدا، بل نادر الوقوع، ويمكن حمله على محامل أخر.

• وقد يختلف ناقدان؛ فيجزم أحدهما بالانقطاع، ويتوقف الثاني، بحسب قوة ما توفر لكل منهما من الدلائل، وإن كانا جميعا لا يريان فيه حجة كما سبق.

والمقصود هنا أن نفي العلم بالسماع ليس هو نفيا للسماع في نفس الأمر، وإن كان له حُكمه، والله تعالى أعلم.

ص (51 - 52):

النظر فى بعض نماذج من القرائن ذكرها العوني للدلالة على أن نفي العلم بالسماع ليس اشتراطا للعلم به:

• جهالة الراوى، فيقال: لا يُعرف له سماع من شيخه، أو: إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضهم من بعض.

أقول:

هذه قرينة على عكس ما استدل به العوني؛ فالمجهول لا يمكن الجزم بعدم سماعه من شيخه؛ لأنه لا تعرف عينُه أو حالُه، ولا تُعلم سَنَةُ ميلاده ولا وفاته، وربما لم تُعرف بلدُه، فمثل هذا لا يُعلم سماعه، ولا يُجزم بنفيه، لكن يكفي عدم العلم في سقوط الاعتداد بروايته فضلا عن جهالته.

أما ما ذُكر من القرائن الأخرى فهى ترجح عدم السماع، وإن لم تكن كافيةً للجزم به، لكن محل النظر في هذه القضية هو حيث لا توجد قرائن كما سبق، وإلا فمُسلم نفسه قد اشترط عدم وجود دلائل بينة على عدم السماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015