وَيْلَكَ! إِنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَتْ لَهُ يَدَانِ: «ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ» مَثَلًا مَعْقُولًا, يُقَالُ ذَلِكَ لِلْأَقْطَعِ، وَغَيْرِ الأَقْطَعِ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ هَذَا المَثَلُ، وَلَا يُقَال ذَلِك، إِلَّا لمن هُوَ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي، أَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي قَبْلَ أَنْ تُقْطَعَا، وَاللهُ بِزَعْمِكَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي، فَيَسْتَحِيلُ فِي كَلَامِ العَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَيْسَ بِذِي يَدَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُ قَطُّ ذَا يَدَيْنِ: إِنَّ كُفْرَهُ وَعَمَلَهُ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِ فُلَانٍ أَمْرِي وَمَالِي، وَبِيَدِهِ الطَّلَاقُ وَالعِتَاقُ وَالأَمْرُ، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ مَوْضُوعَةً فِي كَفِّهِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ المُضَافُ إِلَى يَدِهِ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ المُضَافُ إِلَى يَدِهِ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الأَشْيَاءِ. وَقَدْ يُقَالُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَا وَكَذَا، [10/و] وَكَمَا قَالَ الله تَعَالَى {... بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)} [سبأ: 46]، وَكَقَوْلِهِ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: 66]، وَكَمَا قَالَ الله تَعَالَى {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [البقرة: 97]. فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ يَدَيْ كَذَا وَكَذَا، كذا وَكَذَا، لِمَا هُوَ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي، وَممن لَيْسَ من ذَوي الأَيْدِي.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِهِ إِلَّا لِمَنْ هُوَ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: بِيَدِ السَّاعَةِ كَذَا وَكَذَا، كَمَا قُلْتَ: بَيْنَ يَدَيْهَا؛ اسْتَحَالَ، وَبِيَدِ العَذَابِ كذا وَكَذَا، وَبِيَدِ القُرْآنِ الَّذِي هُوَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ بِيَدِ القَرْيَةِ الَّتِي جَعَلَهَا نَكَالًا كَذَا وَكَذَا؛ اسْتَحَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَلَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ يَدَيْكَ؛ لِأَنَّكَ تَعْنِي أَمَامَهُ وقُدَّامَه بَيْنَ يَدَيْهِ. فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْأَقْطَعِ إِذَا كَفَرَ بِلِسَانِهِ: إِنَّهُ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ ذَوِي الأَيْدِي قُطِعَتَا أَوْ كَانَتَا مَعَهُ.

وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بِمَا كَسَبَتْ يَدُ السَّاعَةِ وَيَدُ العَذَابِ، وَيَدُ القُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015