حَتَّى يَرْتَفِعَ عَنْكَ عَارُهُ، وَيَلْزَمَ مَنْ قَالَهُ، فَأَغْرِبْ بِهَا مِنْ ضَحِكَةٍ! وَأَعْظِمْ بِهَا مِنْ سُخْرِيَةٍ!

وَيْحَكَ! أَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا فَسَمَّاهُمْ رِجْلًا لَهُ ثمَّ أَلْقَى رِجْلًا عَلَى

رِجْلٍ، بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؟! أَحَطَبًا كَانُوا فَخَدَّهُم، فَألقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الشَّمْسِ؟ وَفِي أَيِّ لُغَاتِ العَرَبِ وَجَدْتَ اسْتَلْقَى: فِي مَعْنَى ألقَى؟ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَاتِهِمْ.

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ احْتِجَاجُكَ بِجَهْلِكَ لِمَقْلُوبِ تَفْسِيرِكَ هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى ... إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّجْلِ الثَّمَانِينَ أَرْجُلُ

وَيْلَكَ! إِنَّمَا قَالَ: رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ، وَرِجْلٌ مِنَ الثَّمَانِينَ، وَلَمْ يقلْ: رِجْلٌ مِنَ الله، كَمَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الخَلْقَ رِجْلٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى ألقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ انْتَحَلْتَ أَنْتَ فِيهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ بِمَا بَهَتَّهُ بِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا مَجْنُونٌ مَا زَادَهُ، فَبُؤْسًا لِقَرْيَةٍ مِثْلُكَ فَقِيهُهَا، والمَنْظَورُ إِلَيْهِ فِيهَا!

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015