فَانْظُرْ أَيُّهَا الجَاهِلُ أَنْ تُورِدَكَ هَذِهِ التَّفَاسِيرُ مِنَ المَهَالِكِ، وَمَاذَا تَجُرُّ إِلَيْك مِنَ الجَهْلِ وَالضَّلَالِ، فَتَشْهَدُ عَلَيْكَ بِأَقْبَحِ المُحَالِ، وَلَمْ تَتَأَوَّلْ فِي العَرْشِ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ تَأْوِيلًا أَفْحَشَ وَلَا أَبْعَدَ مِنَ الحق من هَذَا.

وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّ قَتَادَةَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَمَّا قَضَى الله خَلْقَهُ اسْتَلْقَى وَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ» (?).

ثُمَّ فسَّره المُعَارِضُ بِأَسْمَجِ التَّفْسِيرِ وَأَبْعَدِهِ مِنَ الحَقِّ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَهُ.

فَزَعَمَ أنَّه قِيلَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الحَدِيثِ: «إنَّ الله لَمَّا خَلَقَ الخَلْقَ اسْتَلْقَى»، فَتَفْسِيرُهُ: أَنَّهُ ألقَاهُمْ وبثَّهم، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى»، فَيَحْتَمِلُ أَنه أَرَادَ بِالرِّجْلِ الجَمَاعَةَ الكَثِيرَةَ، كَقَوْلِ النَّاسِ: «رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ»، فَنَسَبْتَ تِلْكَ الرِّجْلَ إِلَى الله كَمَا نُسِبَ رُوحُ عِيسَى إِلَى الله بِالإِضَافَةِ، فَألقَى رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَيْ جَمَاعَةً عَلَى جَمَاعَةٍ -فِي دَعْوَاهُ-.

فيُقال لِهَذَا المُعَارِضِ: مَنْ يَتَوَجَّهُ لِنَقِيضَةِ هَذَا الكَلَامِ مِنْ شِدَّةِ اسْتِحَالَتِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ جَمِيعِ المَعْقُولِ عِنْدَ العَرَبِ وَالعَجَمِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الإِنْسِ؟ وَمَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهَا يَنْطِقُ لَهَا حَتَّى لَا تحْتَاجَ نَقِيضَةً، وَيْلَكَ! عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ؟ وَمَنْ عَلَّمَكَ؟ وَعَمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا؟ فسمِّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015