فقد ورد لفظ العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير ممن يمونه المزكي مقيدا بكونه من المسلمين في الرواية الأولى وورد مطلقا عن هذا القيد في الرواية الثانية، ومن يمونه المزكي سبب الحكم، والموضوع في النصين واحد وهو زكاة الفطر كما أن الحكم فيهما واحد وهو وجوب زكاة الفطر، ففي مثل هذه الحالة اختلف العلماء في حمل المطلق على المقيد أو عدم حمله عليه إلى المذاهب التالية:
الأول: حمل المطلق على المقيد. وإليه ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة1.
الثاني: عدم حمله عليه. وإليه ذهب جمهور الأحناف2.
الثالث: حمل المقيد على المطلق.
حجة المذهب الأول:
استدل القائلون بحمل المطلق على المقيد مطلقا في هذه الصورة بنفس الأدلة التي استدلوا بها في الحالة السابقة من كون القرآن كالكلمة الواحدة، وكون المطلق ساكتا والمقيد ناطقا. وأن الحكيم إنما يزيد في الكلام لزيادة البيان، وأن موجب المقيد متيقن وموجب المطلق محتمل على التفصيل الذي مر ذكره سابقا.
أدلة المذهب الثاني:
استدل القائلون بعدم الحمل مطلقا بما يلي:
1 - أن في إبقاء المطلق على إطلاقه وعدم حمله على المقيد احتياطا، وينبغي مراعاة الاحتياط في الأحكام الشرعية، وجه الاحتياط أنه عند إبقاء المطلق على إطلاقه يجب الواجب مع السبب المطلق والسبب المقيد، وأما عند الحمل فإن الواجب يجب مع السبب المقيد فقط، ووجوب الواجب في الحالتين أقرب إلى الاحتياط من وجوبه في حالة واحدة.
ويجاب عن هذا الدليل بأنه إنما يتم لو لم يكن هناك دليل على التقييد أما عند وجود دليل التقييد من قبل الشارع فإن الذي ينبغي هو المصير إلى الدليل.