الشافعي رضي الله عنه وكان إذا جلس يقرأ عنده بين القراء يتعجبون منه لحسن تأديته وفصاحته مع كمال لطفه وجميل سيرته، وحكي أنه تردد مرة في آية وهو يقرأ عنده وسكت ففتح عليه الإمام الشافعي من داخل القبر، ثم رجع إلى دمشق في سنة خمس وخمسين وألف واجتمع بالشيخ الولي الشيخ منصور المحلي الصابوني وقطن عنده بجامع الصابونية (?) يقرأ القرآن استظهارًا، وكان الشيخ منصور يحبه محبة كلية، وكان في بعض الأوقات يطرقه الحال والشوق فيخرج هائمًا على وجهه يدور في البراري والقفار يدخل بيروت وصيدا ويزور جبل لبنان ومعه ركوته وعكازه ومرقعته ويأكل من الحشيش ويشرب من عيون الأرض، وربما كلمه بعض الوحوش، ثم يعود إلى زاوية الشيخ منصور، وحج مرارًا على التجريد ماشيًا أمام الحاج لا يعوّل على مركوب ولا خيمة ولا يطلب من أحد شيئًا، إن حصل له شيء أكل وإلا طوى، وكان كثيرًا ما يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام وقال له مرة: مرحبًا مرحبًا بفلان باسمه، ولم يزل على هذا الحال بعد موت الشيخ منصور حتى وصل إلى الشيخ العارف بالله تعالى السيد محمد العباسي، فأخذ عليه الطريق، ولم يزل عنده في أعلى مكانة حتى برع في طريق القوم، وأشار إليه بالخلافة بعده فوليها، وكانت تظهر له كرامات وأحوال وكان له نزاهة وعفة، واتفق أنّ رجلًا أعطاه مائة قرش هبة وأشهد على ذلك ثم بعد [65 - ب] أيام شحت نفسه بها فطلبها منه ففي الحال أعطاه إياها من غير توقف، وأرسل إليه الوزير حسين باشا يطلبه للاجتماع به فلم يجب فأرسل إليه بثلاثين قرشًا فأعطاها للذي أرسلها معه، وبالجملة فإنه كان بركة من بركات الزمان، وكانت ولادته في سنة اثنتين وأربعين وألف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015