يومًا إلى منتزه يسفر عن محياه ويتفتق عن طيب ريّاه فقرئ بين يديه ما غنته نُعْم الجارية بين يدي المأمون وهو:

ولقد أخذتم من فؤادي أنسه ... لا شَلّ ربي كفَّ ذاك الآخذِ

وزعمت أنّي ظالمٌ فهجرتني ... ورميت في قلبي بسهم نافذِ

ونعم (?) هجرتك فاغفري وتجاوزي ... هذا مقامُ المستجيرِ العائذِ

هذا مقام فتًى أضرّ به الهوى ... قرح الجفونِ بحسن وجهكِ لائذِ

قلت وقصة هذه الأبيات قد ذكرها ابن خلّكان (?) وقال: إنه استعادها المأمون الصوت ثلاث مرات وكان بحضرته اليزيدي فقال له: يا يزيدي أيكون شيء أحسن مما نحن فيه! قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين. فقال: وما هو؟ قلت: الشكر لمن خوّلك هذا الإنعام العظيم الجليل. فقال: أحسنت وصدقت، وأمر بمائة ألف درهم يتصدق بها، فكأني أنظر إلى البُدَر وقد أخرجت، والمال يفرق، انتهى. فلما قرئت أنشد السيد محمد أفندي النقيب مضمنًا المصراع: هذا مقام المستجير العائذ:

نقل العذول بأنني أفشيت ما ... أخفى الحفاظ من الغرام الواقذِ

هبني افتريت (?) كما افترى فاغفره لي ... هذا مقام المستجير العائذ

وأنشد أيضًا قوله:

نبذ الخليط مودتي حيث العدا ... حولي يُروّعني بهجر النّابذِ

فسألتُه الرجعى وقلت: دع القلا ... هذا مقام المستجير العائذِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015