قَوْلُهُ: "إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ" (?) يُرْوَى بِكَسْرِ إِنَّ وَفَتْحِهَا، قَالَ ثَعْلَبٌ: الاخْتِيارُ: كَسْرُ إِنَّ وَهُوَ أجْوَدُ مِن مَعْنَى الْفَتْحِ؛ لأنَّ الَّذِى يَكْسِرُ، إِنَّ يَذهَبُ إِلَى أنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ عَلى كُلِّ حَالٍ، وَالَّذِى يَفْتَحُهَا، يَذْهَبُ إِلَى أنَّ الْمَعْنَى: لَبَّيْكَ لأنَّ الْحَمْدَ لَكَ، أيْ: لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ (?). قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ: لأنَّهُ إذَا قَالَ: لَبَّيْكَ، فَقَدْ تَم كَلَامُ الْمُلبِّى عَلَى قَوْلِهِ: لَبَّيْكَ، وَمَعْنَاهُ: إنِّى لَبَّيْتُكَ لَا لِعِلَّةٍ وَلَا لِفِعْلٍ فَعَلْتُهُ مِنَ الْجَمِيلِ، بَلْ (لِحُبِّ) (?) الِإقَامَةِ عَلَى طَاعَتِكَ، لَا لِسَبَبٍ وَلَا لِطَلَبِ مُجَازَاةٍ، (بَلْ) (?) ابْتِدَاءً إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. وإِذَا فَتَحَ صَارَتْ "أنَّ" الَّتِى لِلْعِلَّةِ (?)، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَبَّيْكَ لأجلِ عَطيَّةٍ أو دَفْعِ بَلِيَّةٍ، فَصَارَتْ التَّلْبِيَةُ فِى مُقَابَلَةِ شَىْءٍ، لَا مُجَردَةَ. وَمَعْنَى الْكَسْرِ مُجَرَّدٌ؛ لِأنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى كُل حَالٍ، يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ. وَقَوْلُ (?) مُحَمَّدٍ بنِ الْحَسَنِ (?): الْكَسْرُ ثَنَاءٌ: وَالْفَتْحُ صِفَةٌ، يَعُودُ إِلَى هَذَا. وَيَجُوزُ رَفْعُ "النِّعْمَةِ" عَلَى الابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ، أيْ، إِنَّ (?) الْحَمْدَ لَكَ (?)، وَالنعْمَةُ لَكَ (?).

قَالَ ابْنُ الأنبارِىِّ: وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَ خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا، قَالَ (?): وَعَلَى هَذَا، فَمَوْضِعُ "أنَّ" الْخَفْضُ عِنْدَ الْكِسَائيِّ بِإِضْمَارِ الْخَافِضِ، وَالنصْبُ عِنْدَ الْفَرَّاءِ بِحَذْفِ الْخَافِضِ.

فِى تَلْبِيَةِ ابْنِ عُمَرَ (?): "وَالرُّغْبَى (?) إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ" قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: الرُّغْبَى وَالرَّغْبَاءُ، كَالنُّعْمَى وَالنَّعْمَاءِ (?). وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ: رَغِبَ رَغْبَةً وَرَغْبَى، كَمَا يُقَالُ: شَكْوَى (?).

قَوْلُهُ: "وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ عَنْهُ" (?) فِيهِ رِوَايَتَانِ: فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الرَّاءِ، وَضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الرَّاءِ، فَمَنْ قَالَ "يَصْرِفُونَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، فَمَعْنَاهُ: يُنَحُّونَهُمْ عَنْهُ، وَأسْقَطَ الْمَفْعُولَ، أو يَنْقلِبُونَ وَيَنْصَرِفُونَ بأنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ لِكَثْرَتِهِمْ وَتَرَاكُمِهِمْ عَلَيْهِ. وَمَنْ قَالَ بِالضَّمِّ، فَهُوَ لِمَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ، أيْ: يُقْلَبُونَ (?) فَيَمْضُونَ لِشَأنِهِمْ.

قَوْلُهُ: "يَتَرَفَّهُ" (?) أىْ: يَتَنعَّمُ، وَالرَّفَاهِيَةُ: النِّعْمَةُ، بِالْفَتْحِ، يُقالُ: هُوَ فِى رَفَاهِيَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، أَيْ: سَعَةٍ، وَفِى الْحَدِيثِ: "أنَّهُ نَهَى عَن الِإرْفَاهِ" (?) وَهُوَ التَّدَهُّنُ وَالتَّرْجِيلُ كُلَّ يَوْمٍ، يُقَالُ: رَفَاهَةٌ وَرَفَاهِيَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015