قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (?): الْمِيقَاتُ: الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ، وَالْمَوْضِعِ. يُقَالُ: هَذَا مِيقَاتُ أهْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ، وَهُوَ: الْمَوْضِعُ الَّذِى يُحْرِمُونَ مِنْهُ. يُقَالُ: وَقَتَهُ -بِالتَّخْفِيفِ- فَهُوَ مَوْقُوتٌ: إِذَا بَيَّنَ لِلْفِعْلِ وَقْتًا يُفْعَلُ فِيهِ، أو مَوْضِعًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (?).
قَوْلُهُ: "وَقَتَ لِأهْلِ نَجْدٍ" (?) أَيْ: بَيَّنَ لَهُمْ مَوْضِعًا لِوَقْتِ إِحْرَامِهِمْ. وَقَالَ فِى الْفَائِقِ (?): وَقَتَ الشَّيء، وَوَقَّتَهُ: إِذَا بَيَّنَ حَدَّهُ، ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كِتَابًا مَوْقُوتًا}. وَفِى الْحَدِيثِ: "لَمْ يَقِتْ فِى الْخَمْر حَدًّ" (?) أىْ: لَمْ يَحُدّ، وَالْمِيقَاتُ: يَكُونُ لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَمِيقَاتُ الصَّلَاةِ: يُرَادُ بِهِ الَزّمَانَ، وَفِى الْحَج: يُرَادُ بِهِ الْمَكَانَ. وَأصْلُهُ: مِوْقَاتٌ -بِالْوَاوِ- فَانْقَلَبَتْ يَاءً، لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَذَكَرَ الْبُخَارِىُّ: إنَّمَا سُمىَ الْيَمَنْ (يَمَنًا) (?) لِأنَّهُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَسُمِّىَ الشَّامُ شَامًا؛ لِأنَّهُ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ (?). وَالْيُسْرَى: هِىَ الشُّؤْمَى، ضِدُّ الْيُمْنَى (?). وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: شَآمٌ -بِالْهَمْزِ وَالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، وَشَأْمٌ -بِالْهَمْزِ وَالسُّكُونِ، وَشَامٌ- بِتَرْكِ الْهَمْزِ (?).
قَوْلُهُ: "قَرَن" بالْفَتْحِ: مِيقَاتُ أهلِ نَجْدٍ، وَمِنْهُ سُمِّىَ "أوَيْسٌ الْقَرَني" هَكَذَا ذَكَرَهُ (?) فِى الصَّحَاحِ (?). وَقَالَ الصَّغَانيُّ (?): الصَّوَابُ فِى الْمِيقَاتِ "قَرْن" بِسُكُونِ الراء (?)، فَأمَّا "أُوَيْسٌ" فَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرَنِ بْنِ رَدْمَانَ بْنِ نَاجِيَةِ بْنِ مُرَادَ (?). أخْبَرَني مَنْ شَاهَدَ مَسْجِدَ أُوَيْسٍ فِى رَدْمَانَ، وَذَكَرَ أَنَّ آثارَهُ مَشْهُورَةٌ هُنَالِكَ (?)، مَعَ حَدِيثٍ يَطولُ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ الضَّغَانِىُّ. وَذَكَرَ ابْنُ الْحَائِكِ أَنَّهُ مِنْ حِمْيَرَ، وَدَخَلَ فِى بَنى نَاجِيَةَ مِنْ (?) مُرَاد.
قَوْلُهُ: "يَلَمْلَمُ" يُقَالُ فِيهِ: يَلَمْلَمُ وَأَلمْلَمُ (?).
قَوْلُهُ: "لَمَّا فُتِحَ الْمِصْرَانِ" (?) هُمَا: الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ. وَالْمِصْرُ: الْبَلَدُ الْعَظيمُ، سُمىَ مِصْرًا؛ لِأنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ إلَيْهِ، أي: يَجْتَمِعُونَ، كَمَا سُمِّىَ الْمِعَى الْمَصِيرُ؛ لِأنَّهُ يَصِيرُ إِلَيْهِ الطعَامُ وَالشَّرابُ (?) وَمَعْنَى "فُتِحَ المِصْرَانِ" أىْ: (بُنىَ الْمِصْرَانِ) (?): لأنَّ الْمُسْلِمِينَ بَنَوْهُمَا، وَلَم يَفْتَحُوهُمَا.