وليست هذه المعاني إلا الأغراض التي يصاغ لها الأسلوب، والتي ذكرها في مقدمة وساطته فقال: "ولا آمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحداً، ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه، بل أرى لك أن تقسم الألفاظ على رتب المعاني، فلا يكون غزلك كافتخارك، ولا مديحك كوعيدك، ولا هجاؤك كاستبطائك، ولا هزلك بمنزلة جدك، ولا تعريضك مثل تصريحك، بل ترتب كلاً مرتبته، فتلطف إذا تغزلت، وتفخم إذا افتخرت، وتتصرف المديح تصرف مواقعه، فإن المدح بالشجاعة والبأس يتميز عن المدح باللباقة والظرف، ووصف الحرب والسلاح ليس كوصف المجلس والمدام، فلكل واحد من الأمرين نهج هو أملك به، وطريق لا يشاركه الآخر فيه.

وليس ما رسمته لك في هذا الباب بمقصور على الشعر دون الكتابة، ولا بمختص بالنظم دون النثر، بل يجب أن يكون كتابك في الفتح أو الوعيد خلاف كتابك في التشوق والتهنئة واقتضاء المواصلة، وخطابك إذا حذرت وزجرت أفخم منه إذا وعدت ومنيت" (?).

وعبد القاهر يضرب مثالاً للأسلوبين يفرق بينهما جمال النظم بما يشاهد من الصور المرئية (?)، تماماً كما فعل القاضي الجرجاني، ثم يعقب ذكر الصورتين المرئيتين بذكر الشاعر والشاعر يفرق بينهما توخى معاني النحو، كما فعل القاضي الجرجاني، إذ أردف ذكر الصورتين المرئيتين بذكر منثور الكلام ومنظومه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015