النظرات (صفحة 656)

الحيوان ولا ثماره ولا نتاجه, فحميت نفسي حتى عسل النحل وبيض الدجاج وألبان ذوات الأثداء وأقنعتها بالبلسن طعاما والبلس حلوى1؛ لأني كنت أعلم أن النبات طعامي الذي لا يلائمني غيره ولا يشبهني سواه, وأن لحم الحيوان إنما خلق للشفاه الغليظة والأنياب العريضة والأظفار الحادة والجلود المزأبرة2 والأعضاء المتوثبة والهامات الضخمة، وكنت أرى أن أكلة اللحوم إنما يخادعون أنفسهم فيها ويجترُّونها إلى طبائعهم اجترارا؛ لأنهم لا يأكلونها إلا إذا عالجوها بالطبخ والصف3 والتقديد والشي والقلي ومزجوها بالخضر والتوابل والأبازير والأقزاح4 مزجا يكاد يخرج بها عن جوهرها إلى جوهر النبات حتى إذا نزل بهم عارض مرض نزعوا عنها وبرئوا إلى الله منها, وفزعوا إلى النبات في طعامهم وشرابهم وعقاقيرهم كأنما يطلبون شفاءهم في الرجوع إلى غذائهم الطبيعي الذي خلقوا له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015