النظرات (صفحة 356)

المجلد الثاني

الحياة الذاتية

...

الحياة الذاتية:

أكثر الناس يعيشون في نفوس الناس أكثر مما يعيشون في نفوسهم، أي: إنهم لا يتحركون ولا يسكنون ولا يأخذون ولا يدعون، إلا لأن الناس هكذا يريدون.

حياة الإنسان في هذا العالم حياة ضمنية مدخلة في حياة الناس، فلو فتش عنها لا يجد لها أثرا إلا في عيون الناظرين، أو آذان السامعين، أو أفواه المتكلمين.

يتمثل لي أن الإنسان لو علم أن سيصبح في يوم من أيام حياته وحيدا في هذا العالم لا يجد بجانبه أذنا تسمع صوته, ولا عينا تنظر شكله, ولا لسانا يردّد ذكره لآثر الموت على الحياة علّه يجد في عالم غير هذا العالم من آذان الملائكة أو عيون الجِنة مقاعد يقتعدها, فيطيب له العيش فيها.

إذا كانت حياة كل إنسان متلاشية في حياة الآخرين, فأي مانع يمنعني من القول بأن تلك الحياة التي نحسبها متكثرة في هذا العالم حياة واحدة يتفق جوهرها, وتتعدد صورها كالبحر المائج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015