النظرات (صفحة 351)

العقول في سجن مظلم لا تطلع عليه الشمس ولا ينفذ إليه الهواء.

الجهل غشاء سميك يغشي العقل، والعلم نار متأججه تلامس ذلك الغشاء فتحرقه رويدا رويدا، فلا يزال العقل يتألم لحرارتها ما دام الغشاء بينه وبينها، حتى إذا أتت عليه انكشف له الغطاء فرأى النار نورا، والألم لذة وسرورا.

لا يستطيع الباطل أن يصرع الحق في ميدان؛ لأن الحق وجود والباطل عدم، وإنما يصرعه جهل العلماء بقوته، ويأسهم من غلبته، وإغفالهم النداء به، والدعاء إليه.

محال أن يهدم بناء الباطل فرد واحد في عصر واحد، وإنما يهدمه أفراد متعددون في عصور متعددة فيهزه الأول هزة تباعد ما بين أحجاره، ثم ينقض الثاني منه حجرا والثالث آخر وهكذا حتى لا يبقى منه حجر على حجر.

الجهلاء مرضى والعلماء أطباء، ولا يجمل بالطبيب أن يحجم عن العمل الجراحي فرارا من إزعاج المريض أو خوفا من صياحه وعويله أو اتقاء لسبه وشتمه، فإنه سيكون غدا أصدق أصدقائه وأحب الناس إليه.

وبعد فقليل أن يكون الداعي في الأمة الجاهلة حبيبا إليها إلا إذا كان خائنا في دعوته سالكا سبيل الرياء والدهان في دعوته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015