النظرات (صفحة 350)

المصائب والمحن التي يلاقونها في سبيل الدعوة حتى يبلغوا الغاية التي يريدونها أو يموتوا في طريقها.

الدعاة الصادقون لا يبالون أن يسميهم الناس خونة أو جهلة أو زنادقة أو ملحدين أو ضالين أو كافرين؛ لأن ذلك ما لا بد أن يكون.

الدعاة الصادقون يعلمون أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- عاش بين أعدائه ساحرا كذابا فلما مات مات سيد المرسلين، وأن الغزالي عاش متهما بالكفر والإلحاد ومات حجة الإسلام، وأن ابن رشد عاش ذليلا مهانا حتى كان الناس يبصقون عليه إذا رأوه ومات فيلسوف الشرق، فهم يحبون أن يكونوا أمثال هؤلاء العظماء أحياء وأمواتا.

سيقول كثير من الناس: وما يغني الداعي دعاؤه في أمة لا تحسن به ظنا، ولا تسمع له قولا، إنه يضر نفسه من حيث لا ينفع أمته فيكون أجهل الناس وأحمق الناس.

هذا ما يوسوس به الشيطان للعاجزين الجاهلين، وهذا هو الداء الذي ألم بنفوس كثير من العلماء فأسكت ألسنتهم عن قول الحق وحبس نفوسهم عن الانطلاق في سبيل الهداية والإرشاد، فأصبحوا لا عمل لهم إلا أن يكرروا للناس ما يعلمون، ويعيدوا عليهم ما يحفظون، فجمدت الأذهان وسكنت المدارك وأصبحت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015