عليه من الأحاديث المنحولة الغريبة في أساليبها عن منهاج العرب ومناحيهم مالا يضبطه الحساب كثرة، فهلكت الأمة بين هذا وذاك هلكا لا تزال تتجرع كأسه المريرة حتى اليوم.
فالحمد لله أولا، وللأدب ثانيا على نجاتي منهم فيما كانوا يرومون بي، ويحاولون مني، بل أحمد الله إليهم كذلك فقد كفيت بهم وبسوء رأيهم في الأدب ونقمتهم عليه شر من يدخل بيني وبين نفسي في المفاضلة بين شاعر وشاعر، وكاتب وكاتب، أو الموازنة بين أسلوب وأسلوب، وديباجة وأخرى، فلم يكن لي عون على ذلك كله غير شعور نفسي، وخفوق قلبي خفقة السرور أو الألم إن مر بي ما أحب أو ما أكره من حسنات القول أو سيئاته من حيث لا أعرف سبيل ذلك ولا مأتاه، فكان شأني في ذلك شأن السامع الطروب الذي تطربه نغمة وتزعجه أخرى، فيطير بالأولى فرحا، وبالثانية جزعا، ولقد يكون ضعيف الإلمام بضروب الإيقاع وقواعد النغم، فكنت لا أقرأ إلا ما أفهم، ولا أفهم إلا ما أشعر أنه قد خرج من فم قائله خروج السهم من القوس، فإذا هو في كبد الرمية ولبها، فإن رأيت أن المعنى قد قام دونه ستار من التراكيب المتعاظلة، والأساليب الملتوية، علمت أن القائل إما ضعيف المادة اللغوية، فهو يعجز عن الإفضاء بما في نفسه