يبين العلماء أن القرعة من طرق الأحكام، قال بذلك الأئمة الأربعة, ويؤيد هذا الرأي أن الله تبارك وتعالى أخبر بها عن أنبيائه، مقررا لحكمها، غير ذام لها، وفعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأصحابه من بعده، قال عز وجل: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} 1، قال قتادة: كانت مريم ابنة إمامهم وسيدهم، فتشاح عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا عليها بسهامهم، أيهم يكفلها، فقرع زكريا وكان زوج أختها، فضمها إليه.
وقال تبارك وتعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} 2، أي: فقارع فكان من المغلوبين، أي: وقعت القرعة عليه.
فهذا هو شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يوجد في شريعتنا ما يلغيه3.
وإذا انتقلنا إلى السنة وجدنا فيها ما يؤكد ذلك أيضًا، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم