الثالثة عشرة: يرى الحنابلة وبعض المالكية أنه يجوز للرجل أن يلاعن امرأته، فيشهد عليها بالزنا توكيدا لشهادته باليمين، إذا رأى رجل يعرف بالفجور يدخل إليها, ويخرج من عندها نظرا إلى الأمارات والقرائن الظاهرة1.
ثم أما بعد، فإنه إذا كانت القرينة تصلح أن تكون وسيلة إثبات لحكم معين في بعض الأمور، فإن الفراسة لا تصلح أن تكون أساسًا للحكم، وجمهور العلماء على منع القضاء بالفراسة؛ لأن القضاء لا بد أن يعتمد على الأدلة الظاهرة الواضحة، والحكم بالفراسة ما هو إلا اعتماد على فكرة وجدت في نفس الإنسان، وقد تكون هذه الفكرة صحيحة، وقد تكون خطأ؛ لأنها لم تبن إلا على الظن والتخمين، والظن كما أنه قد يصيب في بعض الأحيان فإنه كثيرا ما يخطئ، فيؤدي ذلك إلى القضاء بالظلم2.
قال ابن العربي: "الفراسة لا يترتب عليها حكم"، وقال: "إن مدارك الأحكام معلومة شرعا مدركة قطعا، وليس الفراسة منها".
وقال ابن فرحون: الحكم بالفراسة مثل الحكم بالظن والحزر، والتخمين، وذلك فسق وجور من الحاكم، والظن يخطئ ويصيب3.