قُلْنَا لَا بل القارىء يُؤَدِّي كَلَام الله وَالْكَلَام إِنَّمَا ينْسب إِلَى من قَالَه مبتدئا لَا إِلَى من قَالَه مُؤديا مبلغا وَلَفظ القارىء فِي غير الْقُرْآن مَخْلُوق وَفِي الْقُرْآن لَا يتَمَيَّز اللَّفْظ الْمُؤَدى عَن الْكَلَام الْمُؤَدى عَنهُ وَلِهَذَا منع السّلف عَن قَول لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق لِأَنَّهُ لَا يتَمَيَّز كَمَا منعُوا عَن قَول لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق فَإِن لفظ العَبْد فِي غير التِّلَاوَة مَخْلُوق وَفِي التِّلَاوَة مسكوت عَنهُ كَيْلا يُؤَدِّي الْكَلَام فِي ذَلِك إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن وَمَا أَمر السّلف بِالسُّكُوتِ عَنهُ يجب السُّكُوت عَنهُ وَالله الْمُوفق والمعين
فصل العَبْد إِذا أَيقَن أَن الله تَعَالَى فَوق السَّمَاء عَال على عَرْشه بِلَا حصر وَلَا كَيْفيَّة وانه الْآن فِي صِفَاته كَمَا كَانَ فِي قدمه كَانَ لِقَلْبِهِ قبْلَة فِي صلَاته وتوجهه ودعائه وَمن لَا يعرف ربه بِأَنَّهُ فَوق السَّمَاء على عَرْشه فَإِنَّهُ يبْقى ضائعا لَا يعرف وجهة معبوده لَكِن رُبمَا عرفه بسمعه وبصره وَقدمه وَتلك بِلَا هَذَا معرفَة نَاقِصَة بِخِلَاف من عرف أَن الهه الَّذِي يعبده فَوق الْأَشْيَاء فَإِذا دخل فِي الصَّلَاة وَكبر توجه قلبه والى جِهَة الْعَرْش منزها لَهُ تَعَالَى مُفردا لَهُ كَمَا افرده فِي قدمه وازليته عَالما أَن هَذِه الْجِهَات من حدودنا ولوازمنا وَلَا يمكننا الاشارة إِلَى رَبنَا فِي قدمه وازليته إِلَّا بهَا لأَنا محدثون والمحدث لَا بُد لَهُ فِي اشارته إِلَى جِهَة فَتَقَع تِلْكَ الْإِشَارَة إِلَى ربه كَمَا يَلِيق بعظمته لَا كَمَا يتوهمه هُوَ من نَفسه ويعتقد أَنه فِي علوه قريب من خلقه وَهُوَ مَعَهم بِعِلْمِهِ وسَمعه وبصره واحاطته وَقدرته ومشيئته وذاته فَوق الاشياء فَوق