إنَّه الهوى الذي لا ضابط له!

ثانيًا: ذاك موقفه العام بالنسبة لتحسين التِّرمذي، ونحوُه موقفُه بالنسبة لرواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ فإِنَّه -أيضًا- متناقض؛ فها هو هنا يوافقه على التحسين لإسناده، وفي حديث آخر يأتي (1/ 181) يقول: "أميل إلى تضعيف روايته"! وفي ثالث يقول (1/ 463): "فيه ضعف"! ! وهذا لا ينافي التحسين إن كان يُحْسِن التعبير، ويعرف ما يقول! فإِنَّه لو لم يكن فيه ضعف لكان صحيحًا؛ لما لايخفى على العارفين بالفرق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن في علم المصطلح، وكذا قال أيضًا في حديثين آخرين لعمرو ابن شعيب، وذلك في تعليقه على "رياضه" (ص 126 و 431)، ولم يوردهما في "ضعيفته" الذي ذيَّل به عليه، مُشْعِرًا بذلك أنهما من قسم الحسن، ولكنه لايفصح بذلك، ولايتكلَّم، سترًا على اضطرابه في حديث عمرو! فإنّه أورد فيها حديثًا آخر (ص 532/ 64)! وقد أعلّه هناك بالراوي عنه عبد الرحمن بن حرملة -أيضًا- وهو من رجال مسلم! -، وقد صحّحه الحاكم، والذهبي، وحسّنه التِّرمذي -كما في "الصحيحة" (64) -، وحسّنه البغوي -أيضًا- (2675).

ثالثًا: ومع اضطرابه المذكور وكتمانه لسبب الموافقة، فهناك كتمان آخر لطريق أخرى أقلُّ ما يقال فيها: إنَّها شاهد قوي، أخرجه الحاكم وغيره من طريق القاسم بن محمد بن عبد الله بن عَمرو:

أنَّ رجلًا من المسلمين استأذن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في امرأةٍ - يقال لها: أم مهزول - كانت تسافح وتشترط أن تنفق عليه، وأنَّه استأذن فيها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكر له أمرها، فقرأ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً .... } الآية.

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وهو مخرَّج من الطريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015