16

فأقول: يؤخذ عليه:

أولاً: أنَّه لم يبيِّن حالَ إسناد حديث أبي هريرة، ولا الشواهد التي أشار إليها؛ وما حال أسانيدها؟

ثانيًا: لم يُحِل -كما هي عادته أحيانًا- إلى مصدر فيه بيانٌ لما أهمله؛ وذلك لأنَّ مرجعه في ذلك تعليقي على "المشكاة" (503)، وقد استفاده -أيضًا- المعلِّق على "الإحسان" (4/ 250)!

ثالثًا: لم يبيِّن السبب في تقويته للحديث هنا بالشواهد، وإعراضه عن تقويته لأحاديث أخرى بشواهدها -وما أكثرَها -! أقربُها حديث: "حرّم لباس الحرير والذهب على الرجال ... " رقم (12)؛ وهكذا فهو (لَعَّاب على الحبلين)، ليس له منهج معروف يستقرُّ عليه، ولئن وجد فهو من اختلاقه، وهل يستقيم الظلُّ والعود أعوج؟ !

16 - أشار ابن القيِّم إلى سبب نزولِ آية {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}؛ فخرّجه (الهدَّام) (1/ 93) من رواية أصحاب "السنن" الثلاثة، وقال: "وقال التِّرمذي: "حسن غريب"، وهو كما قال".

فأقول: هُنا -لأول مَرّة - نراه يوافق التِّرمذي على التحسين؛ ولذلك فإِني آخذ عليه ما يأتي:

أولًا: لماذا لم يبين سبب الموافقة المذكورة، والمعروف عنه أنَّه يصرح في مناسبات كثيرة أنَّه متساهل في التحسين، فضلًا عن التصحيح! ولذلك فهو يخالفه في عشرات الأحاديث؛ كما هو شأنه مع كل علماء الحديث -لا فرق بين متساهلٍ منهم ومتشدد ومتوسط -، وأقرب مثالٍ على ذلك حديث عائشة المتقدم آنفًا رقم (14)؛ فما هو الضابط في الموافقة والمخالفة؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015