قال العلماء: إذا أوصى به أو كان من عادته، ولم يوص بتركه. وقال: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعى بدعوى الجاهلية) وقال: (إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذيء) وهو الذي يظهر ما يكني الناس عنه وقال: (احثوا التراب في وجوه المداحين) وقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى وقولوا عبد الله ورسوله) وقال: (لا تخيروا بين الأنبياء) يعين بالخصائص والأقيسة، إذ التفضيل لا تقتضيه الخصائص بل هو بأمر من الله. وقال: (من حق المسلم على المسلم أن يبر قسمه ويجيب دعوته) وقال: (لا تقولوا قوس قزح ولكن قولوا: قوس الله فإن قزح اسم الشيطان لعنه الله) ، وقال: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ شاتمه أو سابه فليقل: إني صائم) وقال: (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت ومن لغى فلا جمعة له) وقال: (من سئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار) وقال: (لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموهم) وقال في أمراء الجور فيمن دخل عليهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم: (عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وقال: (البخيل كل البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي) وقال: (من سمع الأذان ولم يجب فقد جفا) وقال فيما يروى عن ربه: (من أحدث فلم يتوضأ فقد جفاني ومن أحدث فتوضأ ولم يصل فقد جفاني، ومن أحدث فتوضأ فصلى فدعة ولم يستجب له فقد جفوته ولست برب جاف) وقال: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) وقال: (إذا سألتم الله فاعظموا المسألة فإن الله لا يتعاظمه شيء قالوا: إذا نكثر يا رسول الله قال: الله أكثر) وقال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي) وقال مولانا جلت قدرته، ذاما للألداء في الخصومة والتفيهق في الكلام والتعزز بالإثم: (وَمِنَ الناسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ في الحَياةِ الدُّنيا) الآية. وذم عليه السلام الثرثارين، والمتفيهقين والمتحذلقين في الكلام، ونهى عليه السلام عن النعي وعن قول الرجل ابتداءً: عليك، ونهى عمر رضي الله عنه عن رطانة الأعاجم، وقال: إنها خب.
وأما النهي عما يخص بجانبه عليه السلام، كرفع الصوت عليه، وقول: راعنا، وندائه من وراء الحجرات، ودعائه كدعائنا، فقد ارتفعت أحكامه بوفاته. نعم بقي توجه الطلب بذلك في مسجده، وبين يدي قبره، لأن حرمته ميتا كحرمته حيا. وينبغي أن يتأدب بأدبه مع من كان من نسبته من عالم أو ولي أو صالح ونحوه، بهذه الآداب. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يجلسون مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة) .
وفرائض اللسان المجردة عن الأفعال خمسة: الشهادتان، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في العمر، والقول بالحق، والقضاء بالعدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشرط ذلك، لا رماية في عماية، كما يفعله بعض أهل هذا الزمان، فنسأل الله العافية والسلامة بمنه وكرمه.
ويستعان على حفظ اللسان بثلاث أشياء: شغله بالذكر الدائم، والخلوة عن الخلق، وقلة المطعم.
ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه، وكان بعض السلف، يضع في فمه حجرا، وبعضهم يكتب كلامه، وذكر النسائي رحمه الله تعالى عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه دخل على سيدنا عمر بن الخطاب فوجده يجذب لسانه فكلمه في ذلك فقال: مده يا عمر، هذا أوردك المهالك، وقال عليه الصلاة والسلام: (وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) وقال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وقال بعض السلف: لو كان الكلام فضة لكان الصمت ذهبا، وفي الخبر: (النجاة في الصمت) .
قال العلماء رضي الله عنهم: وإذا استوى الكلام والصمت في المصلحة فالمقدم الصمت وقتل شهيد في المعترك فقال قائل: هنيئا لك الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: (وما يدريك لعله كان يبخل بما يعنيه ويتكلم فيما لا يعنيه) ومن أراد السلامة من آفات اللسان فليكثر من قراءة: قل أعوذ برب الناس، وسورة القدر، وسورة القدر، إلى غير ذلك مما ذكر أصحاب الخواص من السماء القهرية، ونحوها.
الغصن الثاني المحارم السمعية