"وفي السادس من كانون الآخر دنحاً وهو عيد الدنح نفسه ويوم المعمودية الذي صبغ فيه يحيى بن زكريا المسيح وغمسه في ماء المعمودية بنهر الأردن عند بلوغ ثلثين سنة من عمره واتصل به روح القدس شبه حمامة نزلت من السماء على ما ذكر في الإنجيل".

ويعرف عيد الدنح بالغطاس أيضاً، وعلى هذا اللفظ وصفه المقريزي في الخطط (1: 4494) ويسمى أيضاً بيوم العماد.

ومنها (السباسب) قال في المخصص (13: 102) وفي التاج (4: 294) : "يوم السباسب عيد للنصارى ويسمونه السعانين ويقال شعانين بالشين.

والسباسب الأغصان يرديون بها سعف النخل الذي قطعه اليهود يوم استقبلوا المسيح في دخوله أورشليم، وقد دعوا أيضاً هذا العيد بعيد الزيتونة، أما السعانين فمشتقة من العبرانية (كلمة عبرانية) (هوشعنا) التي كان يتهلل بها اليهود أمام المسيح، وقد وردت لفظة سباسب في الشعر القديم قال النابغة يذكر عيد السعانين بين بني غسان:

رقاقُ النعالِ طيبٌ حجزاتهم ... يحيون بالرَّيحان يوم السباسبِ

ومنها (خميس العهد) قال المقريزي: (1: 495) ويسميه أهل مصر من العامة خميس العدس ويعلمه نصارى مصر قبل الفصح بثلاثة أيام ويهادون فيه، وقد عرفه العرب أيضاً بخميس الفصح ورد على هذا اللفظ في ترجمة عدي بن زيد الشاعر الجاهلي في كتاب الأغاني (3: 32) حيث ذكر دخول هند بنت النعمان كنيسة الحيرة قال: "خرجت في خميس الفصح وهو بعد السعانين بثلاثة أيام تتقرب في البيعة".

ومنها (الفصح) كانوا يقدمون عليه الصوم الأربعيني وقد ذكره العرب، أنشد سيبويه لبعضهم (في كتابه 2: 27) :

صدَّت كما صدَّ عماً لا يحلْ لهُ ... ساقي نصارى قبيلَ الفصح صوَّامُ

ومن كلامهم في ذلك "تنخس النصارى" إذا تركوا أكل اللحم، وقال ابن دريد: "تنخس النصارى إذا تركوا أكل الحيوان، وهو كلام عربي صحيح ولا أدري ما اصله (التاج 4: 255) ولعله من "تنخس الرجل" إذا جاع ويقول البعض تنهس بالهاء وهو من تصحيف العامة، أما الفصح فمن السريانية (كلمة سريانية) وأصلها (كلمة سريانية) العبرانية وتكرر ذكر الفصح في الشعر العربي الجاهلي، قال الأعشى يمدح هوذة بن علي النصراني الذي كان أطلق أسى بني تميم يوم عيد الفصح تقرباً لله:

ففكَّ عن مئة منهم إسارهمُ ... وأصبحوا كلُّهم من غلّهِ خلعا

بهم تقرَّب يوم الفصح ضاحيةً ... يرجو الإلهَ بما أسدى وما صنعا

وكانوا في الفصح يوقدون المشاعل، قال أوس بن حجر يصف رمحه وقد شبه سنانه بمصباح يوقده رئيس النصارى يوم الفصح (شعراء النصرانية ص494) :

عليهِ كمصباح العزيزِ يشبُّه ... لفصحٍ ويحشوهُ الذُّبالَ المغتَّلا

قال الشارح: "أراد السنان الشديد الائتلاق وهو مثل مشعل الجليل العظيم الشأن من بطارقة الروم لاسيما إذا الهبه في ليلة الفصح وإذا كان في مثل هذه الليلة كان أنور وأكثر ضوءاً"، وقال عدي بن زيد يشير إلى تعمير قنديل الفصح (الأغاني 9: 53) :

بكروا عليَّ بسحرةٍ فصبحتهم ... بإناء ذي كرم كقعب الحالبِ

بزجاجةِ ملءِ اليدين كأنها ... قنديل فصح في كنيسة راهبِ

وممن أشاروا إلى أفراح النصارى في عيد الفصح عبد الله بن زبير قال: الأغاني 13: 46) يهجو حجار بن أبجر أمير بني عجل:

فكيف بعجلٍ أن دنا الفصحُ واغتدت ... عليك بنو عجلٍ ومراجلكم يغلي

وعندك قسيسُ النصارى وصلبها ... وغانية صهباءُ مثل جنى النَّحل

ويدعون أيضاً الفصح بالقيامة لتذكار قيامة السيد المسيح من الموت يوم الفصح.

ومن الألفاظ العربية في ذلك (الباعوث) ودعاها في المخصص (13: 102) الباغوت بالغين قال: أعجمي معرب عيد النصارى، وفي تاج العروس (1: 602) : "الباعوث استسقاء النصارى وهو اسم سرياني، قيل هو بالغين المعجمة والتاء المنقوطة"، وهو بالسريانية (كلمة سريانية) ومعناها الصلاة والدعاء، وقد خصوا بها رتبة تقام ثاني يوم عيد الفصح، وقد وردت اللفظة في حديث عمر لما صالح نصارى الشام شرط عليهم "أن لا يحدثوا كنيسة ولا قلية ولا يخرجوا سعافين ولا باعوثاً".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015