(التاريخ) كان الأمم المجاورة للعرب تواريخ للعوام والشهور يعرفون بها أزمنة الوقائع والحوادث المهمة فكان اليونان يؤرخون بسني الخليفة وبتاريخ الاسكندر ذي القرنين وبمولد السيد المسيح، وكان الفرس يؤرخون بيزدجرد بن شهريار أو أحد ملوكهم، وأرخ العرب قبل الإسلام بعام الفيل أو ببعض أيامهم المشتهرة كيوم جبلة ويم الكلاب ويم ذي قار أم المسلمون فقيل أن عمر أول من أرخ منهم في السنة 19 أو 20 هجرية تعلموا ذلك من جيرتهم، جاء في كتاب الشماريخ في علم التاريخ للسيوطي (ص9 edm Seybid) "أن رجلاً من المسلمين قدم من أرض اليمن فقال لعمر: رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ يكتبون من عام كذا وشهر كذا، فقال عمر: أن هذا لحسن فأرخوا" ثم اختلفوا في بدء التاريخ إلى أن اصطلحوا على سنة هجرية محمد من مكة إلى المدينة وجعلوا أول العام شهر المحرم شهر حرام ومنصرف الناس من الحج، قالوا أنه يوافق يوم الخميس الثامن من شهر أيار لأنه سنة 933 للإسكندر.

(الحلف) قد اعتاد العرب على القسم بالله وبما يقرب إليه كالملائكة والأولياء.

قال عبيد بن الأبرص (ديوانه edm Lyall ص67) :

حلفتُ بالله أن الله ذو نعمٍ ... لمن يشاء وذو عفوٍ وتصفاحِ

وقال الآخر (أمالي القالي 3: 29)

أماَّ والذي لا يعلمُ الغيبَ غيرهُ ... ومن هو يحيي العظم وهو رميمُ

لقد كنتُ أطوي البطنَ والزادُ يشتهى ... محافظةً من أن يقالَ لئيمُ

وكانوا في الجاهلية يحلفون بأصنامهم كاللات والعزى ونسر، ثم شاع ذلك بينهم حتى النصارى واليهود دون إشارة إلى معتقدهم بها كما يقال بالاتينية حتى في عهدنا بحق هر كل (mehercle) أو بالإيطالية بحق بحوس (per رضي الله عنهacco) فكذلك نصارى العرب حلفوا بأصنام الجاهلية وبالأنصاب على سبيل العادة ليس عن اعتقاد ديني، فمن ذلك قول عبد المسيح المتلمس يهجو عمر بن المنذر:

أطردتني حذرَ الهجاء ولا ... واللاتِ والأنصاب لا تئلُ

ويروى: والله والنصاب، ومثله مهلهل التغلبي حلف بالأنصاب:

كلاّّ وأنصابٍ لنا عاديَّة ... معبودةٍ قد قطعتْ تقطيعا

وحلف أوس بن حجر باللات والعزى فقال:

وباللات والعزَّى ومن دان دينها ... وبالله أنَّ الله منهنَّ أعظمُ

وحلف الأخطل بالعزَّى وبنسر وما يضحى عليهما من الضحايا:

أما ودماءٍ ماثراتٍ تخالها ... على قنَّةِ العزَّى وبالنَّسر عندما

وذكر له في الأغاني (7: 173) حلفاً قاله افتخاراً على جرير والفرزدق: "أنا واللات أشعر منهما" فاردف الراوي قائلاً: "حلف باللات هزؤا واستخفافاً بدينه" (قلنا) بل حلف بها جرياً على عادة العرب دون حمله ذاك الحلف على الدين مع ما نعلمه من تشبث الأخطل بدينه حتى في مجالس الخلفاء. ومما حلف به مشيراً إلى دينه ما رواه أيضاً أبو الفرج في الأغاني (في الصفحة المذكورة:) "وحق الصليب". "وحق الصليب والقربان" وروى له في محل آخر (8: 85) : "قدوس قدوس.. وحق الصليب" وقد ذكر له في نقائض جرير والفرزدق حلفاً بالمسيح.

وكذلك لم يأنف النصارى عن الحلف بمكة ومناسك الحج قال الأخطل (أطلب ديوانه ص 119 وشرح مغني اللبيب للشيخ محمد الأمير (1: 21) :

أني حلفتُ بربّ الرقصات وما ... أضحى بمكَّة من حجبٍ وأستار

بالهدايا التي أحمرَّت مذارعها ... في يوم نسكٍ وتشريقٍ وتنحارِ

وما بزِ مزمَ من شمطٍ محلّقة ... وما بيثربَ من عنٍ وأبكارِ

لألجأتني قريشٌ خائفاً وجلاً ... وموَّلتني قريشٌ بعد إعسارِ

وحلف الآخر بالكعبة وإله إسرائيل (آمالي القالي 2: 46) :

قلت وكنتُ رجلاً فطينا ... هذا روبّ البيت إسرائينا

وقد جمع عدي بن زيد الشاعر النصراني الشهير في حلفه بين مكة والصليب (الأغاني 2: 24) :

سعى الأعداء لا يألون شرّاً ... عليك وربّ مكَّةَ والصليبِ

ومثله الأعشى حلف باسكيم الرهبان وبالكعبة:

حلفتُ بثوبيْ راهبِ الدير والتي ... بناها قصيٌّ والمضاض ين جرهمِ

وورد في الأغاني (12: 75) لبعد بن الحكم بن أبي العاص:

حلفتُ بربّ مكَّةَ والمصلَّى ... بالتوراة أحلفُ والقرآنِ

وهو القائل أيضاً (إصلاح المنطق ص 224) :

وأني وربّ الساجدين عشيَّةً ... وما صكَّ ناقوس النصارى أبيلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015