(السماء) لا يدخلها شيء نجس ولا فاعل الرجس (رؤيا 12: 26) .

أنا الأول والآخر كنت ميتاً وها أنا حي ... ولي مفاتيح الموت والجحيم (رؤيا 1: 18) =أنا الألف والياء والبداءة والنهاية (1: 8) .

الحديث

إذا أحب الله عبداً ابتلاه (جس 23) =إذا أراد الله بقوم خيراً ابتلاهم (من 8) =إن عظم الجزاء مع البلاء وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم (جس 119) .

أن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته من بعد موته علماً نشره وولداً صالحاً تركه.. وحياته تلحقه من بعد موته (جس 215) .

تنظفوا فإنه لا يدخل الجنة ألا نظيف (جس 102 و 162) .

إنما بعثتا فاتحاً وخاتماً (جس 134) =أعطيت فواتح الكلام وجوامعه وخواتمه (جس 61) =كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث (من 115) : أني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض (بخاري 2: 86) .

الفصل السابع

في الخطابة النصرانية بين عرب الجاهلية

بعد كلامنا عن المفردات النصرانية في لغة عرب الجاهلية وأعلامها وأمثالها وحكمها يقتضي أن نبين نفوذ هذا الدين بينهم بما هو أدل على آدابهم. وليس أكثر دلالة على ذلك من فن الخطابة.

قد افتخر العرب في كل أجيالهم بمقدرتهم على البلاغة والتبسط في كلام وقوة العارضة حتى أنهم لجهلهم آداب ما سواهم من الشعوب كاليونان والرومان نسبوا إلى قومهم الامتياز بفن الخطابة دون سواهم. ومهما كان من الصحة في هذا الادعاء لا مراء في أنهم عرفوا في كل آن بذلاقة اللسان وطلاقة الكلام.

فيا ترى ماذا كان مبلغ نصارى العرب في هذا الفن وهل بقي شيء من آثارهم المبنى ببلاغتهم الخطابية بين أهل جلدتهم.

فقبل الجواب على هذا السؤال لا بد من تقديم ملحوظين: الأول أن ما بلغنا من خطب عرب الجاهلية لم يجمع إلا بعد الهجرة بمدة مديدة فدونه الرواة في القرن الثاني للإسلام. فمن البديهي أن كثيراً من تلك الآثار الخطابية قد ضاع بطول الزمان وآفة النسيان أو لم يبلغنا منه إلا نتف قليلة لا تكفي لأن نبني عليها الحكم الصواب في مقدرة نصارى العرب على إلقاء الخطب.

الملحوظ الآخران الرواة الذين رووا تلك المقاطع كانوا من أهل الإسلام لا يهمهم كثيراً الإشارة إلى دين خطباء العرب في الجاهلية وكلهم في مظنتهم من أهل الشرك لا يختلف في عرفهم النصراني عن اليهودي أو الوثني.

فلم يبق لكشف القناع عن الحقيقة إلا أن نجري على الاستقراء والدلائل التي سبق لنا جمعها في الفصول السابقة للتمييز بين النصارى والمشركين واثبات ما يمكن استخلاصه لبيان علمهم بالخطابة فنقول: معلوم أن الخطابة إلى اختلاف أغراضها من تثبيت ومشورة ومشاجرة على قسمين كبيرين دينية ومدنية. وفي كليهما آثار باقية تدل على امتياز النصارى فيهما على عهد الجاهلية وأول ظهور الإسلام.

1 الخطابة الدينية بين نصارى عرب الجاهلية

بينا في فصول مطولة سبقت لنا في القسم الأول من هذا الكتاب كم كانت النصرانية منتشرة في أنحاء العرب فتتبعنا كل جهات جزيرتهم وأثبتنا قولنا استناداً إلى المؤرخين القدماء من يونان ورومان وسريان معاصرين ثم عرب كتبوا بعد الإسلام بقليل. هذا فضلاً عن الآثار الحجرية في الحميرية والآثار الفنية المختلفة. فإن كان الأمر كذلك يلزم القول بأن الخطابة الدينية كانت شائعة بين تبعتها لأن الديانة النصرانية تنتشر عادة بالتعليم الشفاهي إذ قال السيد المسيح لرسله (متى 28: 19 20) : "اذهبوا وتلمذوا كل الأمم ... وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" فلا يجوز استثناء المبشرين بالنصرانية بين العرب من هذا الحكم. ولا سيما أنهم كانوا شيدوا بينهم كنائس عديدة وأقاموا لهم أساقفة وكهنة وشمامسة كما قررنا ذلك بالشواهد. وهؤلاء كلهم في مقدمة واجباتهم الإرشاد والخطابة في عقائد الدين ليرسخوها في عقول رعاياهم ويثبتوها للخوارج وللطالبين التدين بالنصرانية. فليت شعري ماذا بقي من تلك الآثار الطيبة والخطب أو الميامر. ولا ننكر أن اللغة الكنسية كانت في بعض جهات العرب الكلدانية أو اليونانية إلا أنه كان للغة العربية حصتها أيضاً في النواحي التي كان أهلها من أصل عربي محض كاليمن والحجاز وبين عرب المدر الساكنين في الخيم حيث كان يسكن بينهم أساقفة يتنقلون معهم في مناجعهم كما صرحت الآثار الكنسية والمجامع الدينية بذلك ودونا أقوالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015