وكذلك التواضع فقد وردت فيه آيات عديدة في الإنجيل كقوله (لوقا 1: 11 و18: 14) : "كل من رفع نفسه اتضع" وقال القديس بطرس في رسالته الأولى (5: 6) : "اتضعوا تحت يد الله القادرة ليرفعكم" فروى العرب لعلي قوله (ص58) وهو كالآيات السابقة: "تواضع لربك يرفعك" وقوله: "التواضع يرفع والتكبر يضع" وقوله (ص106) : "من توقر وقر ومن تكبر حقر" ويشبهه قول سويد ابن أبي كاهل (شعراء النصرانية ص431 والمفضليات ص399) :

كتب الرحمانُ والحمد له ... سعة الأخلاق فينما والضلع

وبناءً للمعالي إنما ... يرفع الله ومن شاء وضع

وعلى شبه هذا قول العرب (حماسة أبي تمام 122) "سيد القوم خادمهم" وهو عين ما قاله الرب لتلاميذه (لوقا 22: 26) : "ليكن الأكبر فيكم كالأصغر والذي يتقدم كالذي يخدم.. وأنا في وسطكم كالذي يخدم".

وكذلك يروى للعرب (م2: 188) : "ما جعل العبد كربه" وهو عين قول الرب (متى 10: 24) : "ليس عبدٌ أفضل من سيده" كما أن مثلهم (م2: 135) : "ليس عبدٌ باخٍ لك" وهو مثل قوله (يوحنا 15: 15) : "لا أسميكم عبيداً بعد لأن العبد لا يعلم ما يصنع سيده ولكني سميتكم أحبائي".

وقال الرب لبطرس لما سل سيفه فقطع أذن عبد رئيس الكهنة (متى 26: 52) "اردد سيفك إلى غمده لأن كل من يأخذ بالسيف يهلك" روي لعلي في نهج البلاغة على صورة: "من سلَّ سيف البغي قتل به".

ومن الأمثال التي استشهد بها المخلص في الناصرة (لو4: 23) : "أيها الطبيب اشف نفسك" وهو كمثل العرب (م2: 207) : "يا طبيب طب لنسفك".

ورووا بين أمثال علي بن أبي طالب قوله (ص106) : "من أكرم نفسه أهانته" وقوله: (ص108) : "من أطاع نفه قتلها" وهو من أقوال الرب (يوحنا 12: 25) "من أحب نفسه فإنه يهلكها ومن أبغض نفسه في هذا العالم فإنه يحفظها للحياة الأبدية".

ومن أمثال العرب (م2:321) اليسير يجني الكثير يروى لأكثم بن صيفي وقريب منه قولهم (م1: 321) : الشر يبدؤه صغاره، وقد قال الرب في معناه (لوقا 16: 10) : "الأمين في القليل يكون أميناً في الكثير والظالم في القليل يكون ظالماً في الكثير" وإلى هذا المعنى يعود قول ابن سيراخ (19: 1) : "الذي يحتقر اليسير يسقط شيئاً فشيئاً".

وقال الرب في عدم الاهتمام بالغد (متى 6: 34) : "فلا تهتموا بشأن الغد فالغد يهتم بشأنه يفي كل يوم شره" أخذ العرب فقالوا (م1: 61) : "أن غداً لناظره قريب" وهو يروى لامرئٍ القيس الذي قال أيضاً (م2: 313) : "اليوم خمر وغداً أمر"، وكذلك يقول العرب في أمثالهم (م2: 129) : "لكل غد طعام".

وقال الرب أيضاً في شر الأقارب (متى 1: 36) أعداء الإنسان أهل بيته (راجع نبوة ميخا 7: 6) وهو شبه مثل العرب المروي لأكثم بن صيفي: "الأقارب عقارب".

وقال العرب في الشهوة (م1: 343) "أشهر من علم" و"أشهر من نار على علم" وعلى ظننا أنه مأخوذ من قول الرب (متى 5: 14 15) : "لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبل ولا يوقد سراج ويوضع تحت مكيال ولكن على المنارة لينير عل كل من في البيت" (راجع أيضاً نبوة ميخا 4: 1) .

وكذلك في قول العرب (م1: 33) : "أن أردت المحاجزة فقبل المناجزة" وفي قولهم (م2: 237) : "من سئم اقتوى للسلم" وتنويه إلى قول الرب في لوقا (14: 31 33) : "أي ملك يخرج ليحارب ملكاً آخر ولا يجلس أولاً ويشاور نفسه هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف من يأتي إليه بعشرين ألفاً وإلا فيرسل سفارةً وهو بعيد ويلتمس ما هو أمر الصلح".

ومن أمثالهم في التقريع_م1: 23) : "أنه لصل أصلال" وقد سبق يوحنا المعمدان (لوقا 3: 7) قرع بني إسرائيل فدعاهم (بأولاد الأفاعي) .

قد روى العرب بعض الأمثال التي ضربها السيد المسيح دون الإشارة إلى أصلها، فمن ذلك مثل رب البيت الذي شارك الملة على دينار وأعطاهم أجرتهم على اختلاف ساعات شغلهم (متى ف20) فدونك هذا المثل كما ر واه البخاري في صحيحه في كتاب الإجارة ونسبه إلى محمد (طبعة ليدن 2: 50) : "حدثنا اسمعيل بن أبي أويس.. عن عمر بن الخطاب أن رسول اله - صلى الله عليه وسلم - قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015