(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرّراً فَتَقَبّلْ مِنّي إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبّ إِنّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذّكَرُ كَالاُنْثَىَ وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا كُلّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَمَرْيَمُ أَنّىَ لَكِ هََذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .

ولم يتفهم ذكر يوحنا المعمدان السابق أمام وجه المسيح فرووا ما ورد مسطراً في إنجيلي لوقا ومرقس عنه أعني ميلاده العجيب على كبر سن والديه وبنيوا مقامه بين الأنبياء وتقدمه أمام وجه المسيح وموته على يد هيرودوس انتيباس إذ نهاه عن الزواج بامرأة أخيه كما ورد في تاريخ الطبري (ج1 ص711 720) وفي كتاب البدء والتاريخ (3: 116 118) .

ومما رووه بتفصيله بشارة الملاك للعذراء مريم بالمسيح وحبلها من الروح القدس وإن دخل في روايتهم منقولات ضعيفة عن كتب غير قانونية كما رأيت في القصيدة التي أثبتناها سابقاً (ص187 188) عن أمية بن أبي الصلت التي أولها:

وفي دينكم من ر مريم آيةٌ ... منبئةٌ بالعبد عيسى بن مريما

ومثلها ما رووه من المعجزات عن يسوع الطفل كتكلمه في المهد وكآياته في هربه إلى مصر من وجه هيرودوس وفي حياته في الناصرة كانحناء أغصان النخل أمام أمه لتجني من تمرها وكنبات البلسان في المطرية لما سقت أرضها بماء غسله وكإفحام يسوع لأستاذه في الناصرة بما كان يعرضه عليه من المشاكل وكنفحة في طير يصطنعه من طين فيحيا ويطير وأخبار كثيرة مثلها ورويت في الأناجيل الموضوعة التي شاعت في جزيرة العرب أخضها إنجيل الطفولية فتناقلها أهل الجاهلية وروي بعضها في القرآن الكريم في السور المرسومة بآل عمران والنساء والمائدة مريم.

وذكروا من حياة المسيح العلنية جمعه لرسله وأنصاره الحواريين فنوهوا بهم في شعرهم (راجع الصفحة 189 190) وكرر ذكرهم في القرآن، وذكروا أيضاً الآيات التي اجترحها ورويت في الأناجيل كتطهير البرص وفتح عيون العميان ورد النطق للبكم والسمع للصم وإحياء الموتى حتى ضرب المثل بطب عيسى وشفاء عيسى قال الثعالبي في كتاب ثمار القلوب في المضاف والمنسوب (طبعة مصر ص47) : ط عيس يضرب به المثل لأنه كان يبرئ الأكمة والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله.

ومن أمثال العرب فلان يتطيب على عيسى بن مريم قال المتنبي:

فآجرك الإله عل عليلٍ ... بعثتَ إلى المسيح به طبيبا

وكثيراً ما ذكروا الإنجيل الذي بشر به السيد المسيح فأشاروا إلى ما فيه من الهدى والنور والموعظة للمتقين (سورة المائدة العدد 50) قال عدي بن زيد (كتاب الحيوان للجاحظ 4: 66) :

وأوتيا الملك والإنجيل نقرأه ... نشفى بحكمته أحلامنا عللا

من غير ما حاجة إلا ليجعلنا ... فوق البرية أرباباً كما فعلا

ومثله قول النابغة في بني غسان وقد دعا الإنجيل بالمجلة:

مجلتهم ذات الإله ودينهم ... ويمٌ فما يرجون غير العواقب

وأدركوا أسرار حياة المسيح في ختامها كدخوله أورشليم يوم الشعانين (راجع الصفحة 215) وكعشائه السري في خميس العهد ورسمه لسر القربان الأقدس وآلامه وصليبه وموته وإن اختلطت في أقولهم شبهات نقلوها عن الكتب المزورة التي رذلتها الكنيسة منذ ظهورها، وقد سبق لنا (ص209 210) إيراد أقولهم في القربان، وتسميتهم له بالشبر، وقلنا هناك أنه ليس بمستبعد أ، القرآن في سورة المائدة (ع112 116) بذكره للمائدة التي أزلها السيد المسيح على الحواريين إنما أشار إلى المائدة السماوية أي القربان الأقدس (راجع تاريخ الطبري ج1 ص735) كذلك عرفوا في عهد الجاهلية أن النصارى يعبدون المصلوب (راجع الصفحة 203 204) كقول حجار بن أبجر في بني عجل النصارى:

جددني عجلٌ وما خلت أنني ... خلاةٌ لعجلٍ والصليب لها بعل

وكقول الأقيشر:

"في فتيةٍ جعلوا الصليب إلههم"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015