وكذلك ورد في الشعر الجاهلي اسم حيقار أو حيقر المذكور في الترجمة اليونانية من سفر طوبياً (1: 23) وله قصة طويلة عند العرب نشرها حضرة الأب أنطون صالحاني في ملحقات ألف ليلة وليلة، قال عدي بن زايد (حماسة البحتري ص86) في بلايا الدهر:

عصفنَ على الحيقار وسط جنوده ... وبيتّن في لذاته ربَّ ماردِ

هذا وما وقفنا عليه في الشعر الجاهلي من مقولاتهم عن العهد القديم إلا أن في رواياتهم النثرية ما كان أوسع وأدل لولا أن معظمها فقد وإنما حفظ منها قسم في تاريخ المؤرخين الأقدمين كتاريخ الطبري أو كتبهم الأدبية ككتب الجاحظ وكثير منها مدون في القرآن، ومن هذه الروايات ما هو موافق لنصوص الكتب المقدسة منقول تعنها بحرفها أو بمعناها، ومنها ما تده في كتب مصنوعة نسبت زوراً إلى أنبياء أو رسل أو صالحين كبعض كتب الرؤى (صلى الله عليه وسلمpocalypses) أو الوحي المزعوم كوصية آدم وكتاب أحنوخ وصعود أشعيا مناجاة موسى وكتاب مغارة الكنوز المنسوب إلى ما فرام وكتب أخرى عديدة دخلت في بلاد العرب بواسطة النصارى ولاسيما الرهبان أو بواسطة أهل البدع واليهود فشاعت مضامينها الفرية ولم يميزوا بين صحيحها وكاذبها وربما استند إليه بعض أعداء النصرانية في عهدنا لتخطئة الكتب المنزلة لكن سهامهم طائشة لا تصيب هدفاً.

2 أحداث العهد الجديد

كما عر ف العرب في الجاهلية الأخبار المدونة لافي أسفار العهد العتيق كذلك عرفوا أحداث العهد الجديد وأشاروا إليها نظيماً ونثراً.

ومعلوم أن مدار أخبار هذا العهد على ما رواه الإنجيليون الأربعة عن السيد المسيح وسيرة حياته وتعليمه وموته وقيامته يضاف إليها أمور ورد ذكرها في التقليد الراقي إلى قرون النصرانية الأولى ودونت في تأليف عديدة بعضها صحيحة وصادقة كمصنفات الآباء والكتبة القدماء وبعضها امتزج فيها الغث بالسمين واختلط الباطل باليقين كبعض أناجيل الزور التي سبق لنا وصفها في المشرق سنة 1908 (11: 164) وانتشر قسمٌ منها في بلاد العرب بين أهل الجاهلية.

فما عرفوه أن عيسى أي يسوع الناصري هو المسيح، قال السموءل (راجع طبعتنا لديوانه ص32) :

وفي آخر الأيَّام جاءَ مسحنا ... فأهدى بني الدنيا سلام التكامل

والعرب لم يطلقوا هذا الاسم على غيره بل صرحوا أنه هو اسمه الخاص به.

وكذلك نسبوه إلى أمه مريم كما مرَّ لعمرو بن عبد الحق:

وما سبح الرهبان في كل هيكلٍ ... ابيل الابيلين المسيح ابن مريما

يؤيده قول القرآن في سورة آل عمران (ع40) : (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَمَرْيَمُ إِنّ اللهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) .

وقد عرفوا من التقليد أنَّ مريم العذراء مباركة بين النساء تفوق شرفاً على نساء العالمين فطهرها الله منذ حل بها بالبطن وذلك بنعمة خاصة منه تعالى حتى أن الثعلبي روى في كتابه قصص الأنبياء المسمَّى بالعرائس (ص337 من طبعة مصر) حديثاً رفعه بإسناده إلى أبي هريرة عن نبي الملمين وهو قوله: (ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إلا مريم وابنها) ، ولعل القرآن أشار إلى هذه النعمة الجلية حيث يقول (سورة آل عمران (ع37) : (يَمَرْيَمُ إِنّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىَ نِسَآءِ الْعَالَمِينَ) .

وكذر الثعلبي أيضاً (ص335 338) وروى قبله المقدسي ابن طاهر في كتاب البدء والتاريخ (ج3: 118 120 ed.Hurat) خبر مولد مريم العجيب من حنة العاقر بعد نذور والدتها ثم اعتزالها في هيكل أورشليم لخدمة الكهنة ثم كفالة زكريَّا لها في الهيكل إلى حين اقترانها بالقديس يوسف وكل ذلك منقول عن التقليد المسيحي القديم وهو مروي في سورة آل عمران (ع31 33) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015