(بحير أو بحيرا) على رأينا أن هذين الاسمين بمعنى واحد وأنهما من السريانية (يوجد سرياني) ومعناه الرجل الحاذق والعالم والأغلب أنه لقب. وقد عرف بهذا الاسم بحيرا الراهب الذي اجتمع بمحمد صاحب الشريعة الإسلامية وكان اسمه سرجيوس كما قلنا. وذكر في أسد الغابة لابن الأثير (1: 167) رجلاً آخر شآمياً بهذا الاسم قدم على رسول المسلمين مع سبعة آخرين. وكذلك اسم بحير كان شائعاً في الجاهلية ذكر في تاج العروس (3: 29) أربعة من الصحابيين بهذا الاسم أشهرهم بجير بن أبي ربيعة المسمى عبد الله وبجير الأنماري.

(بشر وبشير) كلا الاسمين كان شائعاً في الجاهلية وكثر في القبائل التي مر بيان نصرانيتها كبشر بن الحارث الصحابي وبشر بن المعلى سيد بني عبد القيس النصارى المعروف بجارود (الاشتقاق لابن دريد 186) وبشر بن أبي خازم الأسدي الشاعر. ويشير الكعبي أحد بني الحارث بن كعب أصحاب نجران النصارى (أسد الغابة 1: 293) وعلى رأينا أن في هذا الاسم إشارة إلى اسم البشارة أو أنه استعير من الآرامية بهذا المعنى فاتخذه النصارى في الجاهلية كما يدعون اليوم باسم بشارة وبشير.

(البعيث) هو اسم بعض أهل الجاهلية النصارى أخصّهم بعيث بن حريث الحنفي وبعيث بن رزام التغلبي. وأشهر منهما بعيث اليشكري الشاعر واسمه خداش بن بشير من بني مجاشع واسم أمه وردة. قالوا أنه دعي بعيثاً لقوله:

تبعّث مني ما تبعّث بعد ما ... أمرّت قوايَ واستمرَّ عزيمي

وعندنا أن لهذا الاسم علاقة مع البعث أي المنبعث من الموت كما دعا نصارى الغرب بهذا المعنى "صلى الله عليه وسلمnastase" ونذكر أن الأب أنستاس الكرملي أتحفنا في المشرق بمقالة تحت إمضاء "البعيث الخضري" وهو تعريب اسم حضرته الكريم.

(توبة) هو اسم يشعر بزهد النصارى تسمى به في الجاهلية أو في أوائل الإسلام توبة بن عمران الأسدي (ياقوت 3: 105) وتوبة السلولي واسمه عبد الملك (فيه 1: 587) وتوبة بن الحمير الخفاجي الشاعر (الأغاني 10: 67) (ثابت) شاع هذا الاسم في أواخر عهد الجاهلية ولاسيما بين القبائل المتنصرة من تنوخ وعبد قيس وتميم وثعلبة وغيرها. ولعله أحد الأسماء المنقولة عن الأعلام النصرانية الأجنبية كمثل "Constans" اللاتينية أو "Firmus" (جابر) مما دعي به بعض النصارى في الجاهلية كالشاعر التغلبي جابر بن حني (شعراء النصرانية ص188) وجابر بن شمعون أسقف الحيرة في أيام النعمان بن المنذر (الأغاني 2: 26) لعله من الأسماء المستعارة من أوصاف اللاهوت كجبر وجبار وجبرئيل كما مر.

(الحارث) أحد الأعلام التي استحبها النصارى في الجاهلية فتسمى بهم ملوكهم الغسانيون وكثيرون من أساقفتهم الذين وقعوا على أعمال المجامع بهذا الاسم منقولاً إلى اللاتينية (صلى الله عليه وسلمretas) ومن رؤساء قبائلهم كالحارث بن كعب الذي ذكرنا وصيته إلى أبنائه (ص128) أو كصاحب نجران المستشهد على عهد ذي نواس (ص60) واشتهر أيضاً الحارث بن عباد بني بكر وسيدهم (شعراء النصرانية ص270) . والحارث بن حلزة البكري (شعراء النصرانية ص416) وأبو الحارث الأسقف أحد وفود اليمنيين على محمد في السنة 9 للهجرة (الطبري) أما أصل هذا الاسم فليس بثابت. وقد زعم الكاتب الأديب جرجي أفندي زيدان في كتابه العرب قبل الإسلام (ص166) أنه معرب من اليونانية (قال) "فالحارث يجوز أن يكون ترجمة جيروجيوس اليونانية ومعناها العامل بالأرض". وفي قوله نظر لأن هذا الاسم سبق عهد النصرانية وبه عرف ملوك من النبط.

(حبيب) هو عند النصارى لقب للرسول يوحنا بن زبدى لأن السيد المسيح خصه بمحبته بين تلاميذه. وعلى ظننا أن النصارى الذين سموا به أشاروا إلى ذاك الرسول. ومنهم من ذكروا في جملة الصحابة (راجع أسد الغابة لابن الأثير 1: 368_375) ومن شهداء النصارى في مدينة الرها على عهد ديوقليطيانوس المسمى بحبيب استشهد مع كورياس وشامونا (رضي الله عنهHO,p.84) وعرف به شهيدان آخران في صور وفي العراق في أيام سابور. وبينهم واحد نسب إليه دير حبيب (ياقوت 2: 653) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015