الشافعية فيها فتبسم القاضي الرشيد، وقال له: اذهب لا شيء عليك. وكنت أشاهد الإمام أبا بكر فخر الإسلام الشاشي (?) في مجلسه بباب العامة من دار الخلافة يأتيه السائل فيقول له: حلفت ألا ألبس هذا الثوب، فيأخذ من هدبته مقدار الأصبع ثم يقول له: البسه لا حنث عليك، وشاهدته إذا (?) جاءه رجل وقال (?): حلفت ألا أفعل كذا، واضطررت إليه فيقول له: قل/ إذا وقع على امرأتي طلاقي فهي طالق قبله ثلاثا. ثم يكتب له أنه قال كذا، فليفعل ما شاء، وليطلق متى شاء فإنه لا يقع عليها طلاقه. فانظر إلى لينهم للخلق، وتسهيلهم عليهم، وفي ذلك قدوة بعمر بن الخطاب. قال مالك في الموطأ: إن رجلا قال لامرأته حبلك على غاربك فكتب إلى (?) عمر أن يوافيه بالوسم، فبينما هو يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه، وقال له: أنت الذي أمرتني أن أقدم عليك؟ فقال له (?) عمر: برب هذا البيت ما أردت بقولك: حبلك على غاربك؟ قال: أردت الفراق. فقال عمر: هو ما أردت فانظر كيف رفق به على غلظته، وحلفه حين أتهمه، ولم يبق لمن وضع قيد راحلته على غاربها فيه بقية من ربط، ولا جزء من قيد، ولكن قلده دركة، وكفى به قدوة. وأما في المسألة (?) القاضي في رفع الحنث عن الناسي فإنه دين، وما أخذ الله الناسي بحكم في الدنيا، ولا بذنب في الآخرة، وكل من حنث ناسيا، فالحق أنه لا شيء عليه بحال.

وأما المسألة الثانية في الحنث ببعض الفعل، وعدم البر ببعضه، فمالك فيها على الحق حسبما بيناه في موضعة. وأما المسألة السريجية فهي تلاعب بالدين لا ينبغي أن يلتفت إليها، والحيل في تغيير الأحكام غير نافعة في دين الإسلام. ولكن ينبغي للفقيه المجتهد، لا للحافظ للمسائل المقلد، إذا جاء من وقع في أنشوطة من يمين أن يخلصه بمسألة ظاهرة، بين الصحابة والتابعين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015