مثال نقض النفي بنفي آخر يتلوه فيزيل أثره: ما تزال تحسن المعاملة فتكتسب حب الناس؛ فقد وقع بعد "ما" النافية نفي آخر هو "تزال" فانقلب المعنى مثبتا بسببه، وفي هذه الصورة يجب رفع المضارع، ولا يصح نصبه.
وهل من النفي المحض النفي الواقع بعد: "الاستفهام التقريري"1؛ كقول الوالد يعاتب ابنه العاق: ألم أتعهد شؤونك صغيرا؛ فتتذكر فضلى؟ ألم أجاهد في سبيل إسعادك فتحمد جهادي؟
الصحيح جواز الأمرين، النصب على اعتبار النفي محضا، والرفع على اعتباره منقوضا وغير قائم؛ بسبب همزة التقرير، وبهما جاء القرآن. قال تعالى عن الكافرين: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ ... بِهَا} بنصب المضارع: "تكون". وقال في آية أخرى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} ، برفع المضارع: "تصبح"2..
وإذا كانت فاء السببية حرف عطف دائما، -كما تقدم-3 والمعطوف بها هو المصدر المؤول بعدها -فأين المعطوف عليه؟
يقول النحاة: لا بد أن يكون المعطوف عليه مصدرا أيضا، ليتشابه المعطوف