عن الشجاعة في الحروب، وما حملت سيفا، ولا اقتحمت معركة؛ قد كنت في معركة فتصفها" ... فالمعنى في الأمثلة السالفة منفي؛ أي: ما أنت بالقائد فنطيعك -لا يشيع الظلم والخلاف في أمة فتنهض- ما كنت في معركة فتصفها1..
ب- والمراد بالمحض؛ الخالص من معنى الإثبات؛ فلا يوجد في الكلام ما ينقض معناه، مثل: "إلا الاستثنائية" التي تنقض النفي1، ومثل نفي آخر بعده يزيل أثره، ويجعل الكلام مثبتا؛ لأن نفي النفي إثبات، كما هو معروف. ومن أمثلة النفي المحض: لا يسقط المطر في الصحراء فينبت الكلأ ... ، وكذا الأمثلة التي تقدمت في أول البحث.
فإن نقض النفي بإلا الاستثنائية، وكانت قبل فاء السببية، لم يصح نصب المضارع ووجب رفعه، على اعتبار هذه الفاء للاستئناف، أو للعطف المجرد2، وليست للسببية؛ نحو: لا يشاهد الخبير أعمالا إلا المشروعات العظيمة؛ فيعلن رأيه فيها -لم أشتر مطبوعات إلا الكتب النافعة؛ فأستوعبها- ما اكتسبت مالا إلا المال الحلال فأنفقه.
أما إن نقض النفي "بإلا" الاستثنائية، وكانت بعد الفاء والمضارع ... فيجوز في المضارع الرفع والنصب3؛ نحو: لا يشاهد الخبير أعمالا فيعلن رأيه فيها إلا المشروعات العظيمة -لم أشتر مطبوعات فأستوعبها إلا الكتب النافعة- ما اكتسبت مالا فأنفقه إلا المال الحلال. وقول الشاعر:
وما قام منا قائم في ندينا ... فينطق إلا بالتي هي أعرف4
فيجوز في كل هذه الأفعال المضارعة -ونظائرها- الرفع والنصب5 ...