التاريخ باللغة العربية ثم يفسره له باللغة التركية، وكان فصيحا في اللغتين «1» ، وكان الملك الأشرف يسأله كثيرا عن دينه وعما يحتاج إليه من العبادات وغيرها، فيجيبه القاضى بدر الدين المذكور بعبارة تقرب من فهمه، حتى لقد سمعت الأشرف يقول غير مرة:
«لولا العينتابى لكان في إسلامنا شىء» .
وولّاه قضاء الحنفية مرّتين، ومات الأشرف وهو قاض، فعزل في الدولة العزيزية بالشيخ سعد الدين سعد الدّيرى، ولزم داره على نظر الأحباس مدة سنين إلى أن سعى علاء الدين علىّ بن آقبرس فيها ووليها، فاستقبح الناس عليه ذلك من وجوه عديدة، ثم مات بعد ذلك بمدة يسيرة.
وكان إماما فقيها أصوليا، نحويا، لغويا، بارعا في علوم كثيرة، وأفتى ودرّس سنين، وصنّف التصانيف المفيدة النافعة، وكتب التاريخ، وصنّف فيه مصنفات كثيرة «2» ذكرناها مع جملة مصنفاته في المنهل الصافى، يطول الشرح في ذكرها هنا.
ولما انتهينا من الصلاة على قاضى القضاة بدر الدين هذا بجامع الأزهر، وخرجنا إلى مشاهدة دفنه، قال لى قاضى القضاة بدر الدين محمد بن عبد المنعم البغدادى الحنبلى.
«خلا لك البرّ فبض وأصفر «3» » فلم أردّ عليه، وأرسلت إليه بعد عودى إلى منزلى ورقة بخط العينى هذا يسألنى فيه عن شىء سئل عنه في التاريخ من بعض الأعيان، ويعتذر عن الإجابة بكبر سنه وتشتت ذهنه، ثم أبسط القول في الشكر والمدح والثناء إلى أن قال: «وقد صار المعوّل عليك الآن في هذا الشأن، وأنت فارس ميدانه، وأستاذ زمانه، فاشكر الله على ذلك» .