ولما أراد النزول من القلعة ليختفى بالقاهرة قام ومعه بكتمر مملوك القاضى سعد الدين بن غراب، ويوسف بن قطلوبك صهر ابن غراب، ونزلوا من باب السرّ الذي يلى القرافة، وساروا على بركة الحبش «1» ، ونزلوا منها فى مركب، وتركوا الخيل وتغيّبوا نهارهم كلّه فى البحر حتى دخل الليل، فساروا بالمركب إلى بيت سعد الدين ابن غراب وهو فيما بين الخليج «2» وبركة الفيل «3» بالقرب من قنطرة طقزدمر «4» ، فلم يجدوه فى داره، فمروا على أقدامهم حتى باتوا فى بيت بالقاهرة لبعض معارف بكتمر.
ثم بعثوا لابن غراب بمجيء السلطان إلى عنده، فهيأ له سعد الدين مكانا من داره، وأنزله فيه من غير أن يعلم أحد به.
وأما الأمراء، فإنه لمّا بلغهم ذهاب السلطان الملك الناصر [خرج المذكور «5» ] فى يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الأوّل من سنة ثمان وثمانمائة، بادروا بالطلوع إلى القلعة، وهم طائفتان: الطائفة التى كانت خالفت السلطان الملك الناصر، وركبوا عليه وقاتلوه أياما، ثم توجهوا إلى الشام وعادوا إلى الديار المصرية وصحبتهم جكم وشيخ وقرا يوسف وواقعوه بالسعيدية «6» ، وكسروه. ثم اختفوا؛ ورأسهم يشبك الشعبانى الدوادار بمن كان معه من الأمراء وقد مر ذكرهم فى عدّة مواضع، والطائفة الأخرى كبيرهم بيبرس الأتابك، وسودون الماردانى الدوادار الكبير، وإينال باى وغيرهم.
فلما طلعوا الجميع إلى القلعة، منعهم الأمير سودون تلى المحمدى الأمير آخور الكبير من الطلوع إلى القلعة، فصاروا يتضرّعون إليه من نصف النهار إلى بعد