أن نزل على خليص»
فرّ منه نحو ثلاثين مملوكا إلى جهة العراق فلم يتكلّم السلطان، وسار حتّى قدم مكّة ودخلها فأنعم على الأمراء، وأنفق فى جميع من معه من الأجناد والمماليك ذهبا كثيرا، وأفاض على أهل مكة بالصدقات والإنعام.
فلمّا قضى النّسك عاد يريد مصر، وعرّج إلى زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بالمدينة فسار حتّى وصلها فلمّا دخلها هبّت بها ريح شديدة فى اللّيل ألقت الخيم كلّها وتزايد اضطراب الناس واشتدّت ظلمة الجوّ فكان أمرا مهولا؛ فلمّا كان النهار سكن الريح فظفر أمير المدينة بمن فرّ من المماليك السلطانية فخلع السلطان عليه، وأنعم عليه بجميع ما كان مع المماليك من مال وغيره، وبعث بالمماليك إلى الكرك، فكان ذلك آخر العهد بهم.
ثم مرض الأمير بكتمر الساقى وولده أحمد، فمات أحمد فى ليلة الثلاثاء سابع المحرّم سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، ومات أبوه الأمير بكتمر الساقى فى ليلة الجمعة عاشر المحرّم بعد ابنه أحمد بيومين وحمل بكتمر إلى عيون «2» القصب فدفن بها، واتّهم السلطان أنّه سمّهما. و [ذلك أنه «3» ] كان قد عظم أمر بكتمر، بحيث إنّ السلطان كان معه فى هذه السّفرة ثلاثة آلاف ومائة عليقة، ومع بكتمر الساقى ثلاثة آلاف عليقة، وبلغت عدّة خيوله الخاصّة مائة طوالة [بمائة سايس بمائة سطل «4» ] ، وكان عليق خيول إسطبله دائما ألفا ومائة عليقة كلّ يوم، ومع هذا لم يقنعه ذلك.