ما أحضرت من التّحف الفاخرة، حتى انقضت تقادمهنّ جميعا؛ رسم السلطان برقصهنّ فرقصن عن آخرهن واحدة بعد واحدة، والمغانى تضر بن بالدّفوف، والأموال من الذهب والفضة والشّقق الحرير تلقى على المغنيّات، فحصل لهنّ ما يجلّ وصفه. ثم زفّت العروس، وجلس السلطان من بكرة الغد وخلع على جميع الأمراء وأرباب الوظائف بأسرها، ورسم لكلّ امرأة أمير بتعبية قماش على قدر منزلة وجها، وخلع على الأمير تنكز نائب الشام وجهّز صحبته الخلع لأمراء دمشق. فكان هذا العرس من الأعراس المذكورة، ذبح فيه من الغنم والبقر والخيل والإوزّ والدّجاج ما يزيد على عشرين ألفا، وعمل فيه من السكر برسم الحلوى والمشروب ثمانية عشر ألف قنطار، وبلغت قيمة ما حمله الأمير بكتمر الساقى مع ابنته من الشورة «1» ألف ألف دينار؛ قاله جماعة من المؤرّحين.
ثمّ استهمّ السلطان إلى سفر الحجاز الشريف وسافر الأمير ايدمر الخطيرىّ أمير حاج المحمل فى عشرين شوّال من السنة، ونزل السلطان من القلعة فى ثانى عشر شوّال وأقام بسرياقوس، حتّى سار منه إلى الحجاز فى خامس عشرينه، بعد ما قدّم حرمه صحبة الأمير طغيتمر فى عدّة من الأمراء. واستناب السلطان على ديار مصر الأمير سيف الدين ألماس الحاجب ورسم أن يقيم بداره، وجعل الأمير آقبغا عبد الواحد داخل باب القلعة من قلعة اجل لحفظ القلعة، وجعل الأمير جمال الدين آقوش نائب الكرك بالقلعة وأمره ألّا ينزل منها حتّى يحضر، وأخرج كلّ أمير من الأمراء المقيمين إلى إقضاعه، ورسم لهم ألّا يعودوا منها حتى يرجع السلطان من الحجاز.
وتوجّه مع السلطان إلى الحجاز الملك الأفضل صاحب حماة، ومن الأمراء چنكلى ابن البابا والحاج آل ملك وبيبرس الاحمدى وبهادر المعزّى وأيدغمش أمير آخور