وفى وسطه حياصة ذهب بثلاث بيكاريّات «1» وسار فى موكب جليل وطلع إلى القلعة وقبّل الأرض بين يدى السلطان بالقصر، ثم جلس وخلع السلطان على الأمراء الذين مشوا بخدمته، وهم: الأمير ألماس الحاجب وبيبرس الأحمدىّ وأيدغمش أمير آخور وطغجى أمير سلاح وتمر رأس نوبة، ألبس كلّا منهم أطلسين بطراز ذهب. ثم خلع على جماعة أخر وكان يوما مشهودا، ولقّبه السلطان بالملك الأفضل، ثم جهّزه إلى بلاده.

ثم حضر بعد ذلك تنكز نائب الشام إلى القاهرة ليحضر عرس ابن السلطان الأمير آنوك، وشرع السلطان فى عمل المهمّ من أوائل شعبان من سنة اثنتين وثلاثين وجمع السلطان من بالقاهرة ومصر من أرباب الملاهى واستمرّ المهمّ سبعة أيام بلياليها. واستدعى حريم الأمراء للمهمّ، فلمّا كانت ليلة السابع منه حضر السلطان على باب القصر، وتقدّم الأمراء على قدر مراتبهم واحدا بعد واحد ومعهم الشموع، فكان إذا قدّم الواحد ما أحضره من الشمع قبّل الأرض وتأخّر حتى انقضت تقادمهم، فكان عدّتها ثلاثة آلاف وثلاثين شمعة، زنتها ثلاثة آلاف وستون قنطارا، فيها ما عنى به ونقش نقشا بديعا تنوّع فى تحسينه؛ وأحسنها شمع الأمير سنجر الجاولى، فإنّه اعتنى بأمره وبعث إلى عملها إلى دمشق فجاءت من أبدع شىء.

وجلس الأمير آنوك تجاه السلطان فأقبل الأمراء جميعا وكلّ أمير يحمل بنفسه شمعة وخلفه مماليكه تحمل الشمع، فيتقدمون على قدر رتبهم ويقبّلون الأرض واحدا بعد واحد طول ليلهم، حتى كان آخر الليل نهض السلطان وعبر حيث مجتمع النساء، فقامت نساء الأمراء بأسرهنّ وقبّلن الأرض واحدة بعد أخرى وهى تقدّم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015