الجاشنكير لا يصرف على الملك الناصر إلّا بقلم كريم الدين، وكان الناصر إذ ذاك تحت حجر الجاشنكير؛ ولمّا قتل بيبرس الجاشنكير اختفى كريم الدين هذا مدّة ثم طلع مع الأمير طغاى [الكبير «1» ] فأوقفه طغاى ثم دخل إلى السلطان وهو يضحك، وقال له: إن حضر كريم الدين إيش تعطينى؟ ففرح السلطان وقال: أعندك هو؟

أحضره، فخرج وأحضره وقال له: مهما قال لك قل له: السمع والطاعة، ودعنى أدبّر أمرك، فلمّا مثل بين يدى السلطان قال له بعد أن استشاط غضبا: اخرج واحمل ألف ألف دينار، فقال: نعم، وأراد الخروج، فقال له السلطان: لا، كثير، احمل خمسمائة ألف دينار فقال له: كما قال أوّلا، ولا زال السلطان ينقصه من نفسه إلى أن ألزمه بمائة ألف دينار، فلمّا خرج على أن يحمل ذلك، قال له طغاى المذكور: لا تصقع «2» ذقنك وتحضر الجميع الآن، ولكن هات منها عشرة آلاف دينار ففعل ذلك، ودخل بها إلى السلطان وصار يأتيه بالنقدة «3» من ثلاثة آلاف دينار إلى ما دونها، ولما بقى عليه بعضها أخذ طغاى والقاضى فخر الدين ناظر الجيش فى إصلاح أمره، ولا زالا بالسلطان حتّى أنعم عليه بما بقى، واستخدمه ناظر الخاص، وهو أوّل من باشر هذه الوظيفة بتجمّل ولم تكن تعرف أولا، ثم تقدّم عند السلطان حتى صار أعزّ الناس عليه، وحجّ مع خوند طغاى زوجة السلطان بتجمّل زائد، ذكرناه فى ترجمته فى المنهل الصافى، وكان يخدم كلّ أحد من الأمراء «4» الكبار المشايخ والخاصّكيّة وأرباب الوظائف والجمدارية الصّغار وكلّ أحد حتى الأوجاقيّة، وكان يركب فى خدمته سبعون مملوكا بكنابيش «5» عمل الدار وطرز ذهب والأمراء تركب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015