ماش يقود عنان فرسها بيده وحولها سائر الخدّام مشاة منذ ركبت من القلعة إلى أن وصلت إلى النيل فعدّت فى الحرّاقة «1» . ثم استدعى السلطان الأمير بكتمر الساقى وغيره من الأمراء الخاصّكيّة وحريمهم وأقام السلطان بالجيزة أيّاما إلى أن عاد إلى القلعة فى خامس عشره، وقد توعك كريم الدين الكبير. ثم قدم الحاجّ فى سادس عشرين المحرّم. ثم عوفى كريم الدين فخلع السلطان عليه خلعة أطلس بطرز زركش وكلفتاة زركش وحياصة ذهب فاستعظم الناس ذلك، وبالغ السلطان فى الإنعام على الحكماء. ثم بعد أيام قبض السلطان على كريم الدين المذكور فى يوم الخميس رابع عشر شهر ربيع الآخر. وهو كريم الدين عبد الكريم ابن المعلّم هبة الله بن السّديد ناظر الخواصّ ووكيل السلطان وعظيم دولته، وأحيط بداره وصودر فوجد له شىء كثير جدّا، ولا زال فى المصادرة إلى أن أفرج عنه فى يوم الأربعاء رابع عشرين جمادى الآخرة، وألزمه السلطان بإقامته بتربته «2» بالقرافة. ثم إنّ السلطان أخرجه إلى الشّوبك ثم نقله إلى القدس ثم طلب إلى مصر وجهّز إلى أسوان، وبعد قليل أصبح مشنوقا بعمامته (يعنى أنه شنق نفسه) ، وليس الأمر كذلك؛ وقيل إنه لما أحسّ بقتله صلّى ركعتين وقال «3» : هاتوا عشنا سعداء ومتنا شهداء، وكان الناس يقولون: ما عمل أحد مع أحد ما عمله الملك الناصر مع كريم الدين أعطاه الدنيا والآخرة، ومعنى هذا أنّه كان حكّمه فى الدولة، ثم قتله، والمقتول ظلما فى الجنة. وأصل كريم الدين هذا كان من كتبة النصارى ثم أسلم كهلا فى أيّام بيبرس الجاشنكير، وكان كاتبه، وكان