إلى عشرة آلاف درهم، فآقتنى المباشرون منها أموالا عظيمة، فإنّها كانت أعظم الجهات الديوانيّة وأجلّ معاملات مصر. وكان الناس منها فى أنواع من الشدائد لكثرة المغارم والعسف والظّلم، فإنّ أمرها كان يدور على نواتية «1» المراكب والكيّالين والمشدّين والكتّاب؛ وكان المقرّر على كل إردب درهمين ويلحقه نصف درهم آخر سوى ما كان ينهب. وكان له ديوان فى بولاق خارج المقس «2» ، وقبله كان له خصّ يعرف بخصّ الكيّالة «3» . وكان فى هذه الجهة نحو ستين رجلا ما بين نظّار ومستوفين وكتّاب وثلاثين جنديّا للشدّ، وكانت غلال الأقاليم لا تباع إلّا فيه، فأزال الملك الناصر هذا الظلم جميعه عن الرعيّة، ورخص سعر القمح من ذلك اليوم، وانتعش الفقير وزالت هذه الظّلامة عن أهل مصر، بعد أن راجعته أقباط مصر فى ذلك غير مرّة، فلم يلتفت إلى قول قائل- رحمه الله تعالى- ما كان أعلى همّته، وأحسن تدبيره.
وأبطل الملك الناصر أيضا نصف السّمسرة الذي كان أحدثه ابن الشّيخىّ «4» فى وزارته- عامله الله تعالى بعدله- وهو أنه من باع شيئا فإنّ دلالة كل مائة درهم درهمان، يؤخذ منها درهم للسلطان، فصار الدلّال يحسب حسابه ويخلّص درهمه