وأمّا الملك المظفّر فإنّه لما فارق القلعة أقام بإطفيح يومين ثم اتّفق رأيه ورأى أيدمر الخطيرى وبكتوت الفتّاح إلى المسير إلى برقة «1» وقيل بل إلى أسوان «2» ، فأصبح حاله كقول القائل:

موكّل ببقاع الأرض يذرعها ... من خفّة الرّوع لا من خفّة الطّرب

ولمّا بلغ مماليك الملك المظفّر هذا الرأى عزموا على مفارقته. فلمّا رحل من إطفيح رجع المماليك عنه شيئا بعد شىء إلى القاهرة، فما وصل المظفّر إلى إخميم «3» حتّى فارقه أكثر من كان معه، فعند ذلك انثنى عزمه عن التوجّه إلى برقة، وتركه «4» الخطيرىّ والفتّاح وعادا نحو القاهرة. وبينما هو سائر قدم عليه الأميران: بيبرس الدّوادار وبهادر آص من عند الملك الناصر ليتوجّه إلى صهيون بعد أن يدفع ما أخذه من الخزائن، فدفع المظفّر المال بأجمعه إلى بيبرس الدّوادار، فأخذ بيبرس المال وسار به فى النيل إلى الملك الناصر وهو بقلعة الجبل، وقدم بهادر آص فى البرّ بالملك المظفّر ومعه كاتبه كريم «5» الدين أكرم، وسأل المظفّر فى يمين السلطان مع من يثق به، فحلف له الملك الناصر بحضرة الأمراء وبعث إليه بذلك مع أيتمش المحمّدى؛ فلمّا قدم عليه أيتمش بالغ المظفّر فى إكرامه وكتب الجواب بالطاعة وأنّه يتوجّه إلى ناحية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015