قلت: أعنى أنّ بكتمر كان سكنه بالقلعة، فيهجم هو أيضا على بيتى سلّار وبيبرس بالقلعة أيضا، ويأخذهما قبضا باليد.
وكان لكلّ من بيبرس وسلّار أعين عند السلطان، فبلّغوهما ذلك فاحترزا على أنفسهما، وأمرا الأمير [سيف الدين «1» ] بلبان الدّمشقىّ والى القلعة، وكان خصيصا بهما، أن يوهم أنّه أغلق باب القلعة ويطرّف أقفالها ويعبر بالمفاتيح إلى السلطان على العادة ففعل ذلك. وظنّ السلطان ومماليكه أنّهم قد حصلوا على عرضهم، وانتظروا بكتمر الجوكندار أن يحضر إليهم فلم يحضر، فبعثوا إليه فإذا هو مع بيبرس وسلّار وقد حلف لهما على القيام معهما. فلمّا طلع النهار ظنّ السلطان أنّ بكتمر قد غدر به وترقّب المكروه من الأمراء وليس الأمر كذلك، وما هو إلّا أنّ سلّار وبيبرس لمّا بلغهما الخبر خرجوا إلى دار النيابة بالقلعة، وعزم بيبرس أن يهجم على بكتمر ويقتله فمنعه سلّار لما كان عنده من التثبّت والتّؤدة، وأشار بالإرسال إليه ويحضره حتّى تبطل حركة السلطان؛ فلمّا أتى بكتمر الرسول تحيّر فى أمره وقصد الامتناع، وألبس مماليكه السلاح ومنعهم وخرج إليهم، فعنّفه سلّار ولامه على ما قصد فأنكر وحلف لهم على أنّه معهم، وأقام عندهم إلى الصباح ودخل مع الأمراء إلى الخدمة عند الأمير سلّار النائب، ووقف ألزام سلّار وبيبرس على خيولهم بباب الإسطبل مترقّبين خروج المماليك السلطانية، ولم يدخل أحد من الأمراء إلى خدمة السلطان وتشاوروا، وقد أشيع فى القاهرة أنّ الأمراء يريدون قتل السلطان الملك الناصر أو إخراجه إلى الكرك، فعزّ عليهم ذلك لمحبّتهم له، فلم تفتح الأسواق، وخرج العامّة والأجناد إلى تحت القلعة، وبقى الأمراء نهارهم مجتمعين وبعثوا