كثيرة من الجند وغيرهم، فلمّا صاروا عندهم تعرّض بعض الجند والعوامّ للنهيب، ومدّوا أيديهم إلى من عندهم من النساء والأصاغر، فغلّق الفرنج الأبواب ووضعوا فيهم السيف، فقتلوا جماعة من المسلمين، ورموا الصّنجق وتمسّكوا بالعصيان وعاد الحصار عليهم. وفى اليوم المذكور نزل من كان ببرج الإسبتار الأرمن بالأمان فأمّنهم السلطان على أنفسهم وحريمهم على يد الأمير زين الدين كتبغا المنصورىّ، وتمّ القتال على برج الدّيويّة ومن عنده إلى يوم الأحد التاسع عشر «1» من جمادى الأولى طلب الدّيويّة ومن بقى فى الأبراج «2» الأمان، فأمّنهم السلطان على أنفسهم وحريمهم على أن يتوجّهوا حيث شاءوا. فلما خرجوا قتلوا منهم فوق الألفين وأسروا مثلهم، وساقوا إلى باب الدّهليز النساء والصّبيان، وكان من جملة حنق السلطان عليهم مع ما صدر منهم أن الأمير آقبغا المنصورىّ أحد أمراء الشام كان طلع إليهم فى جملة من طلع فأمسكوه وقتلوه، وعرقبوا ما عندهم من الخيول، وأذهبوا ما أمكنهم إذهابه؛ فتزايد الحنق عليهم. وأخذ الجند وغيرهم من السّبى والمكاسب ما لا يحصى.

ولمّا علم من بقى منهم ما جرى على إخوانهم تمسّكوا بالعصيان، وامتنعوا من قبول الأمان وقاتلوا أشدّ قتال، واختطفوا خمسة نفر من المسلمين ورموهم من أعلى البرج فسلم منهم نفر واحد ومات الأربعة. ثم فى يوم الثلاثاء ثامن عشرين «3» جمادى المذكورة أخذ البرج الذي تأخّر بعكا، وأنزل من فيه بالأمان، وكان قد غلّق من سائر جهاته. فلمّا نزلوا منه وحوّلوا معظم ما فيه سقط على جماعة من المسلمين المتفرّجين وممّن قصد النّهب فهلكوا عن آخرهم. ثمّ بعد ذلك عزل السلطان النساء والصّبيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015