من تلك الصّيارف برّا باب زويلة، ولم يكن أحد يتعرّض لابن الصاحب، فمرّ به الملك الظاهر فلم يشعر إلا وابن الصاحب يضرب بمفتاح فى يده على خشب الصيرفى قويّا، فالتفت الظاهر فرآه فقال: هاه! علم الدين؟ فقال: إيش علم الدين أنا جيعان! فقال: أعطوه ثلاثة آلاف درهم. وكان ابن الصاحب أشار بتلك الدّقّة إلى دقّة مثلها يوم المركب» . انتهى [كلام الصّفدى] .
قلت: ومن نوادره اللّطيفة أنّه كان بالقاهرة إنسان [كثيرا «1» ما] يجرّد الناس فسمّوه زحل، فلمّا كان فى بعض الأيام وقف ابن الصاحب على دكّان حلوى يزن دراهم يشترى بها حلوى، وإذا بزحل قد أقبل من بعيد، فقال ابن الصاحب للحلاوى «2» : أعطنى الدراهم، ما بقى لى حاجة بالحلوى، فقال: لم؟ قال: أما ترى زحل قارن المشترى فى الميزان! وله من هذا أشياء كثيرة ذكرنا منها نبذة فى ترجمته فى تاريخنا «المنهل الصافى» . ومن شعره:
يا نفس ميلى إلى التّصابى ... فاللهو منه الفتى يعيش
ولا تملّى من سكر يوم ... إن أعوز الخمر فالحشيش
وله فى المعنى:
فى خمار الحشيش معنى مرامى ... يا أهيل العقول والأفهام
حرّموها من غير عقل ونقل ... وحرام تحريم غير الحرام
قلت: وأحسن ما قيل فى هذا المعنى قول القائل ولم أدر لمن هو:
وخضراء ما الحمراء تفعل فعلها ... لها وثبات فى الحشى وثبات
تؤجّج نارا فى الحشى وهى جنّة ... وتروى مرير الطّعم وهى نبات