سنة. ثمّ فى آخر ذى الحجّة أخرج رئيس الرؤساء مقيّدا وعلى رأسه طرطور، وفى رقبته مخنقة جلود، وهو يقرأ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ...

الآية.

فبصق أهل الكرخ فى وجهه، لأنّه كان متعصّبا لأهل السّنّة، رحمه الله، ثمّ صلب على صورة ما ذكرناه أوّلا.

وأمّا عميد العراق فقتله البساسيرى أيضا، وكان شجاعا شهما، وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ. ثمّ بعث البساسيرىّ البشائر إلى مصر، وكان وزير المستنصر هناك «1» أبا الفرج «2» بن أخى أبى القاسم المغربىّ، وكان أبو الفرج ممّن هرب من البساسيرىّ، فذمّ للمستنصر فعله وخوّفه من سوء عاقبته؛ فتركت أجوبته مدّة، ثمّ عادت على البساسيرىّ بغير الذي أمّله، فسار البساسيرىّ إلى البصرة وواسط وخطب بهما أيضا للمستنصر. وأمّا طغرلبك فإنّه انتصر فى الآخر على أخيه إبراهيم ينّال وقتله، وكرّ راجعا إلى العراق، ليس له همّ إلّا إعادة الخليفة إلى رتبته.

وفى الجملة أنّ الذي حصل للمستنصر فى هذه الواقعة من الخطبة باسمه فى العراق وبغداد لم يحصل ذلك لأحد من آبائه وأجداده. ولولا تخوّف المستنصر من البساسيرىّ وترك تحريضه على ما هو بصدده وإلا «3» كانت دعوته تتمّ بالعراق زمانا طويلا، فإنّه كان أوّلا أمدّ البساسيرىّ بجمل مستكثرة. فلو دام المستنصر على ذلك لكان البساسيرىّ يفتتح له عدّة بلاد. قال الحسن بن محمد العلوىّ «4» : «إنّ الذي وصل إلى البساسيرىّ من المستنصر من المال خمسمائة ألف دينار، ومن الثياب ما قيمته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015