والأطفال، فكيف أعفو عنك وأنا صاحب سيف وقد أخذت أموالى وعاقبت أصحابى ودرست دورى وسببتنى وأبعدتنى!. واجتمع العوامّ على ابن المسلمة (يعنى رئيس الرؤساء) وسبّوه ولعنوه وهمّوا به. فأخذه البساسيرىّ بيده وسيّره إلى جانبه خوفا عليه من العامّة. وحصل فى يد البساسيرىّ جميع من كان يطلبه مثل ابن المردرسىّ «1» ، وأبى عبد الله «2» الدّامغانىّ قاضى القضاة، وهبة الله بن المأمون، وأبى علىّ بن الشّيروانىّ، وأبى عبد الله بن عبد الملك؛ وكان من التّجار الكبار وبينه وبين البساسيرىّ عداوة، وكان قد سكن فى دار الخلافة خوفا منه على ماله ونعمته. وظفر بالسيدة خاتون بنت الأمير داود زوجة الخليفة، فأحسن معاملتها ولم يتعرّض لها.
وأمّا قريش فحصل فى يده الخليفة وعميد العراق وأبو منصور [بن «3» ] يوسف وولده؛ فحمل الحليفة إلى معسكره راكبا وعلى كنفه البردة وبيده سيف مسلول وعلى رأسه اللّواء. ولحق الخليفة ذرب عظيم قام منه فى اليوم مرارا، وامتنع من الطّعام والشراب؛ فسأله قريش وألحّ عليه حتّى أكل وشرب، وحمله فى هودج وسار به إلى حديثة عانة فنزل بها. وسار حاشية الخليفة على حامية إلى السلطان طغرلبك مستنفرين له.
ولمّا وصل الخليفة إلى الأنبار شكا البرد، فبعث يطلب من متولّيها ما يلبس، فأرسل إليه جبّة ولحافا. وركب البساسيرىّ يوم الأضحى وعلى رأسه الألوية المصريّة وعبر إلى المصلّى بالجانب الشرقىّ، وأحسن إلى الناس، وأجرى الجرايات على الفقهاء، ولم يتعصّب لمذهب، وأفرد لوالدة الخليفة دارا وراتبا، وكانت قد قاربت التسعين