وَإِذَا اسْتَمْهَلَ لِيَاتِيَ بِدَافِعٍ .. أُمْهِلَ ثَلاَثَةَ أّيَّامٍ، وَلَوِ ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ .. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني: لا؛ لأنه لم يدَّعِ عليه حقًا، وإنما ادعى عليه أمرًا لو ثبت .. نفعه، وهما جاريان فيما لو ادعى القاذف على المقذوف أنه زنى، وجواب الأكثرين فيها السماع، وفيما إذا توجهت على شخص يمين فقال: قد حلفني مرة أخرى، لكن لا تسمع الدعوى على القاضي والشاهد بالكذب، ولا يتوجه عليهما الحلف قطعًا وإن كان ينتفع بذلك؛ لأن ذلك يؤدي إلى فساد عام كما سيأتي.
قال: (وإذا استمهل ليأتي بدافع .. أمهل ثلاثة أيام)؛ لأنها مدة قريبة لا يعظم فيها الضرر، ومقيم البينة قد يحتاج إلى مثلها للفحص عن الشهود، وقيل: يومًا فقط؛ لأنه قد يكون متعنتًا، ويشبه أن يرجع في ذلك إلى نظر القاضي واجتهاده، وظاهر عبارته وجوب الإمهال.
وذكر الرافعي في الباب الثاني من (الكتابة): أن العبد إذا ادعى الأداء وأنكر السيد وأراد العبد إقامة البينة .. أمهل ثلاثة أيام، قال: وهل ذلك واجب أو مستحب؟ وجهان.
قال: (ولو ادعى رق بالغ) عاقل؛ أي: مجهول النسب (فقال: أنا حر .. فالقول قوله)؛ لأن الأصل الحرية فدعواه موافقة لها، هذا إذا قال: أنا حر الأصل، فلو قال: أعتقتني أو أعتقني الذي باعني منك .. لم يقبل منه إلا ببينة، وإذا قلنا: القول قوله في ادعاء الحرية الأصلية .. فلا فرق في ذلك بين أن يكون المدعي استخدمه وتسلط عليه قبل ذلك أو لا، وسواء جرى عليه البيع مرارًا وتداولته الأيدي أم لا.
فرع:
أقام المدعي بينة برقه، وأقام هو بينة أنه حر الأصل .. أطلق البغوي وغيره أن بينة الرق أولى؛ لأن معها زيادة علم وهو إثبات الرق، وحكى الهروي عن الأصحاب أن بينة الحرية أولى، خلافًا لابن سريج، وكذا قاله شريح في (روضة الأحكام).