وَإِذَا انتَقَضَتْ .. جَازَتْ الإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} , فمتي صرحوا بنقض العهد, أو قاتلوا المسلمين, أو آووا عيون المشركين, أو كاتبوا أهل الحرب بعورة المسلمين, أو قتلوا مسلماَ, أو أخذوا مالآ, أو سبٌوا رسول الله صل الله عليه وسلم .. انتقض عهدهم كما تنتقض الذمه به.
وإنما ينتقض العهد بقتالهم لنا إذا كانوا مختارين له, فلو أكرههم عليه البغاة وثبت ذلك .. فلا.
وأفهمت عبارة المصنف: أنها لا تنفسخ بموت الإمام الذي عقدها ولا بعزله, وهو كذلك, ولهذا ينبغي للإمام أن يكتب عقد الهدنة ويشهد به ليعمل به من بعده, ولا بأس أن يقول فيه: لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمتي.
وقوله: (قتل مسلم) يفهم: أنهم لو قتلوا ذمياَ في دارنا أن الحكم يختلف, وليس كذلك.
قال: (وإذا انتقضت .. جازت الإغارة عليهم وبياتهم) , لقوله تعالي: {وَإِن نَّكَثُو اأَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ} الآية, ولأنهم صاروا حينئذ كما كانوا قبل الهدنة.
هذا إذا علموا أن ما فعلوه ناقضاَ, فإن لم يعلموا .. فهل يقاتلون في الحال أو يتوقف علي الإنذار؟ فيه وجهان, الموافق لإطلاق المعظم: الأول.
والثاني: إن لم يعلموا لم يقاتلوا حتي ينذروا, لما روي الترمذي [1580] وأبو داوود [2753] والنسائي [سك 8679] عن سليم بن عامر- رجل من حمير- قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد, فكان يسير نحو بلادهم, حتي [إذا] انقضي العهد .. غزاهم, فجاء رجل علي دابة يقول: الله أكبر, وفاء لا غدر, فإذا هو عمرو بن عبسة السلمي, فأرسل إليه معاوية فسأله, فقال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: (من كان بينه وبين قوم عهد .. فلا يشد عقدة ولا يحلها حتي ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم علي سواء) , فرجع معاوية والناس.