وَتَكْفِي إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ، وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً، وَلَا يَجُوزُ أَمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ كَجَاسُوسٍ. وَلَيْسَ لِلإِمَامِ نَبْذُ الأَمَانِ إِنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال: (وتكفي إشارة مفهمة للقبول)، سواء أشار بها ناطق أو أخرس؛ لما تقدم عن عمر، والفرق بينها وبين الإشارة بالطلاق والرجعة وسائر العقود: أن المقصود حقن الدم، فكانت الإشارة شبهة.

واحترز بـ (المفهمة) عن المجردة عن الإفهام؛ فلا يصح بها الأمان، ثم محل اعتبار القبول: إذا لم يسبق منه استيجاب، فإن تقدم .. كفى، ولا يحتاج بعده إلى قبول قطعًا.

قال: (ويجب أن لا تزيد مدته على أربعة أشهر، وفي قول: يجوز ما لم تبلغ سنة)؛ لما سيأتي في الهدنة، ويؤخذ منه أنه لا يجوز التأييد من طريق أولى.

ويجوز دون أربعة أشهر قطعًا، فلو زاد الجائز .. بطل الزائد، ولا يبطل في الباقي على الأصح تخريجًا على تفريق الصفقة.

هذا فر الرجال، أما النساء .. فلا يحتاج فيهن لتقييد بمدة كما نص عليه في (الأم)؛ فإذا أقامت ببلاد الإسلام .. لم تمنع؛ لأن الأربعة أشهُر إنما هي للرجال، ومنعوا من السنة؛ لئلا تترك الحرب، والمرأة ليست من أهله.

قال: (ولا يجوز أمان يضر المسلمين كجاسوس)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).

فلو أمنه .. لم ينفذ، قال الإمام: وينبغي أن لا يستحق تبليغ المأمن؛ لأن دخول مثله خيانة فينبغي أن يغتال، والطليعة كالجاسوس.

و (الجاسوس) صاحب سر الشر، بخلاف الناموس؛ فإنه صاحب سر الخير، كما يقال: تجسس في الشر، وتحسس في الخير بالمهملة.

قال: (وليس للإمام نبذ الأمان إن لم يخف خيانة)؛ لأنه لازم من جهة المسلمين، فإن خافها .. نبذه كالهدنة، وأولى، وهذا بخلاف عقد الجزية؛ فإنه لا يرفعه إلا إذا تحققنا الخيانة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015