وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْكَافِرِ بِالأَمَانِ، فَإِنْ رَدَّهُ .. بَطَلَ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَقْبَلْ فِي الأَصَحِّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (ويشترط علم الكافر بالأمان) كسائر العقود، فلو قتله مسلم قبل علمه .. جاز وإن كان القاتل هو الذي أمنه، كذا صرح به الإمام وبعض المراوزة وتبعهم الشيخان، ولم يذكر الشافعي والعراقيون هذا الشرط وهو الصواب، بل إذا علم المسلم بالأمان حَرُم عليه قتله وإن لم يعلم الكافر، ويدل لذلك ما روى الشيخان عن أم هانئ أنها قالت: يا رسول الله؛ زعم علي أنه قاتلٌ رجلًا أَجرْته، فقال صلى الله عليه وسلم: (قد أجرنا مَن أجرت يا أم هانئ).
قال: (فإن ردَّه .. بطل)؛ لأن ثابت بن قيس بن شماس أمَّن الزبير بن باطا يوم قريظة فلم يقبل فقتله، رواه ابن إسحاق كذلك، وهذا بخلاف ما تقدم عند قول المصنف: (ويحل قتل راهب وأجير وشيخ وأعمى)، فلينظر في ذلك.
والزبير بفتح الزاي وكسر الباء كما تقدم، وباطا بموحدة بلا مد ولا همز، وهو والد عبد الرحمن بن الزبير، قتل الزبير بن باطا يوم بني قريظة، قتله الزبير بن العوام.
قال: (وكذا إن لم يقبل) أي: ولم يرد (في الأصح) الأمانُ لا يصح من أحد الطرفين دون الآخر كغيره من العقود.
والثاني: يكفي السكون؛ لأن مبنى الباب على التوسعة.
وليست المسألة ذات وجهين كما اقتضته عبارة المصنف، إنما هو تردد للإمام، والترجيح بحث له.
والمنقول عن (التهذيب) و (تعليق الشيخ إبراهيم والمَروروذي) وغيرهما: الاكتفاء بالسكون، وهو ظاهر نص (الأم)، ومقتضى كلام العراقيين وغيرهم.
نعم؛ يشترط مع السكون ما يشعر بالرضا، وهو الكف عن القتال، كما صرح به الماوردي.
ومحل الخلاف: إذا كان سكوته لا لغباوة ودهشة، فإن كان عن ذلك .. لم يبطل قطعًا، بل يعرَّف بذلك.
فلو قال الكافر: قبلت أمانك فخذ حذرك مني .. فهو رد للأمان.