وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا .. انتُقَضَ عَهْدُهُمْ، أَوْ مُكْرَهِينَ .. فَلَا، وَكَذَا لَوْ قَالُوا: ظَننَّا جَوَازَهُ، أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ ...
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (ولو أعانهم أهل الذمة عالمين بتحريم قتالنا .. انتقض عهدهم)، كما لو انفردوا بالقتال، ويصير حكمهم حكم أهل الحرب، فيقتلون مقبلين ومدبرين، ولهذا غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة لمّا أعانوا الأحزاب.
قال: (أو مكرهين .. فلا)؛ لمكان العذر، وقيل: هو على الخلاف الآتي.
وظاهر كلامه: أن يكتفى بقولهم: إنهم مكرهون من غير بينة، وهو الذي يظهر من إطلاق الجمهور، وشرط المزني والبندنيجي ثبوته عند الإمام.
قال: (وكذا لو قالوا: ظننا جوازه)؛ لأنهم قد يخفى عليهم منع ذلك، وكذا لو قالوا: ظننا أنهم يستعينون بنا على كفار.
قال: (أو أنهم محقون على المذهب)؛ إلحاقًا لهذه الأعذار بالإكراه؛ لأنهم وافقوا طائفة من المسلمين ولم يستقلوا، فلا ترتفع عصمتهم.
والثاني: الانتقاض، كما لو استقلوا بالقتال.
ثم القولان إذا لم يشترط عليهم ترك القتال في عقد الذمة، فإن شرط .. انتقض قطعًا، ومنهم من أطلق القولين.
قال: (ويقاتلون كبغاة)؛ لأن الأمان حقن دماءهم، كما أن الإسلام حقن البغاة، وكل منهم خرج عن الجماعة بتأويل.
ولو استعان البغاة بأهل العهد .. انتقض عهدهم بالمقاتلة معهم.
قال الجمهور: وإذا ذكروا عذرًا لم يقبل منهم إلا ببينة وخالفوا أهل الذمة حيث قبل دعواهم الإكراه بغير بينة؛ لأنهم أقوى، ولهذا لو خاف الإمام من أهل العهد الخيانة .. نبذ إليهم عهدهم، بخلاف أهل الذمة.
تتمة:
قال المتولي: يلزم الواحد من أهل العدل مصابرة اثنين من البغاة؛ فلا يولي إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة.